الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5079 - وعن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري " قال : والجواظ : الغليظ الفظ رواه أبو داود في " سننه " والبيهقي في " شعب الإيمان " وصاحب " جامع الأصول " فيه عن حارثة . وكذا في " شرح السنة " عنه ، ولفظه : قال : " لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري " . يقال : الجعظري : الفظ الغليظ 5080 - وفي نسخ " المصابيح " عن عكرمة بن وهب ولفظه قال : والجواظ : الذي جمع ومنع . والجعظري : الغليظ الفظ . .

التالي السابق


5079 - ( وعن حارثة بن وهب ) : قال المؤلف ، في فصل الصحابة : خزاعي أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه ، روى عنه أبو إسحاق السبيعي ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة الجواظ ) : بفتح جيم وتشديد واو وظاء معجمة ( ولا الجعظري ) : بفتح جيم وسكون عين مهملة وفتح ظاء معجمة فراء فتحتية مشددة ( قال ) أي : الراوي ( الجواظ : الغليظ الفظ ) : بتشديد الظاء أي : سيء الخلق . قال تعالى : ولو كنت فظا غليظ القلب فاللائق أن يفسر الجعظري بغليظ القلب ، وكان غلظ القلب إيماء إلى سوء باطنه من الأحوال ، والفظ إشارة إلى قبح ظاهره من الأفعال ، وقدم الجواظ إما لظهوره ، وإما لأن مدار الحكم عليه وإنما أتى بـ ( لا ) المزيدة إشارة إلى أن الموصوف بكل من الخصلتين لا يدخل الجنة مطلقا إن كان من المنافقين ، أو لا يدخلها مع الفائزين إن كان من المؤمنين ( رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان ) : قال الطيبي ، وقوله : الجواظ الغليظ الفظ كذا في سنن أبي داود والبيهقي ، وفي النهاية ، وشرح التوربشتي ، وكلام القاضي : الجواظ المختال ، وقيل : الجموع المنوع وقيل هو السمين ، وقيل الصياح المهذار ، والجعظري الفظ الغليظ ، وقيل القصير المنتفخ بما ليس عنده ، وقيل العظيم الجسم الأكول ، والمانع لمن شأنه هذا أن يدخل الجنة حيث يدخلها الآخرون عجبهم وسوء خلقهم وشرههم على الطعام وإفراطهم في الكلام اهـ .

والأظهر ما قدمناه من أن المراد غليظ القلب سيئ الخلق ، وسببه ما روى الخطيب عن عائشة مرفوعا " إن لكل شيء توبة إلا صاحب سوء الخلق ، فإنه لا يتوب من ذنب إلا وقع في شر منه " . ( وصاحب جامع الأصول ) أي : ورواه أيضا ( فيه ) أي : في الجامع ( عن حارثة . وكذا في شرح السنة عنه ) أي : روي عن حارثة ( ولفظه ) أي : ولفظ ما في شرح السنة أو لفظ صاحب شرح أو لفظ حارثة في الشرح ( قال : لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري ) أي : من غير عاطفة وزيادة لا ولعله عد الموصوفان واحدا لكمال الاتحاد بين الوصفين ، أو المراد الجامع بينهما فهو الفرد الكامل في القبح .

5080 - ( وفي نسخ المصابيح عن عكرمة بن وهب ) أي : في بعضها وإلا ففي أكثرها عن حارثة بن وهب ( ولفظه ) أي : لفظ المصابيح ، وفيه تجوز ( والجواظ : الذي جمع ) أي : مالا بما لا يجوز ( ومنع ) أي : منعه من الصرف فيما يجب عليه ( والجعظري : الغليظ الفظ ) .

[ ص: 3177 ] قال الطيبي : أشار المؤلف بهذا أن راوي الحديث في الأصول المذكورة ، هو حارثة بن وهب ، وهو صحابي . وفي نسخ المصابيح عن عكرمة بن وهب ، وقد قال الشيخ التوربشتي : لم يذكره أحد في الصحابة ، فالحديث مرسل حينئذ أي : إن صح كونه تابعيا ، وكذا قول الذي جمع ومنع ليس في الأصول ، وقد أثبت في حواشي المصابيح ، فألحق بالمتن وكذا قوله : الغليظ الفظ في المصابيح تفسير للجعظري ، وفي الأصول تفسير للجواظ . تم كلامه . وفي الجامع برواية الطبراني ، عن أبي الدرداء : " ألا أخبرك بأهل النار ؟ كل جعظري جواظ مستكبر جماع منوع ، ألا أخبرك بأهل الجنة ؟ كل مسكين لو أقسم على الله لأبره " .




الخدمات العلمية