الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5251 - وعن محمود بن لبيد - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اثنتان يكرههما ابن آدم : يكره الموت ، والموت خير للمؤمن من الفتنة ، ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب " . رواه أحمد .

التالي السابق


5251 - ( وعن محمود بن لبيد ) ، بفتح فكسر قال المؤلف : أنصاري أشهلي ، ولد على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحدث عنه أحاديث . قال البخاري : له صحبة . وقال أبو حاتم : لا يعرف له صحبة ، وذكره مسلم والتابعين في الطبقة الثانية منهم . قال ابن عبد البر : والصواب قول البخاري فأثبت له صحبة ، وكان محمود أحد العلماء ، روى ابن عباس وعتبان بن مالك ، مات سنة ست وتسعين . ( أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " اثنتان " ) أي : خصلتان ( " يكرههما " ) أي : بالطبع ( " ابن آدم " ) أي : وهما خير له كما بينه بقوله : ( " يكره الموت ، والموت خير للمؤمن من الفتنة " ) ، قال ابن الملك : الفتنة التي الموت خير منها هي الوقوع في الشرك أو فتنة يسخطها الإنسان ويجري على لسانه ما لا يليق ، وفي اعتقاده ما لا يجوز . وقال الراغب : الفتنة من الأفعال التي تكون من الله تعالى ، ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب وغير ذلك من الأفعال الكريهة . قال الطيبي رحمه الله : وقد تكون الفتنة في الدين مثل الارتداد وإكراه الغير على المعاصي وإليه أشار بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : " إذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون " . قلت : وقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي عبد الله الصنابحي قال : الدنيا تدعو إلى فتنة والشيطان يدعو إلى خطيئة ولقاء الله خير من الإقامة معهما . ( " ويكره قلة المال ، وقلة المال أقل للحساب " ) . أي : وأبعد من العذاب . ( رواه أحمد ) : وكذا سعيد بن منصور في سننه بسند صحيح عن محمود بن لبيد .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن زرعة بن عبد الله مرسلا " : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يحب الإنسان الحياة والموت خير لنفسه ، ويحب الإنسان كثرة المال وقلة المال أقل لحسابه " . هذا وأخرجه الحاكم في المستدرك ، والطبراني في الكبير ، وابن المبارك في الزهد ، والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " تحفة المؤمن الموت " . وأخرج المروزي في الجنائز ، وابن أبي شيبة في المصنف ، والطبراني عن ابن مسعود قال : ذهب صفو الدنيا فلم يبق منها إلا الكدر ، فالموت تحفة لكل مسلم . وأخرج [ ص: 3287 ] المروزي ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي والشعبي ، عن ابن مسعود قال : حبذا المكروهان الفقر والموت . وأخرج أحمد في الزهد ، عن ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود قال : ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله تعالى . وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن جعفر الأحمر قال : من لم يكن له في الموت خير فلا خير له في الحياة . قلت : وكذا من لم يكن له خير في الحياة فلا خير له في الممات . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وعبد الرزاق في تفسيره ، والحاكم في مستدركه ، والطبراني والمروزي في الجنائز عن ابن مسعود قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة ، فإن كان بارا فقد قال الله تعالى : وما عند الله خير للأبرار وإن كان فاجرا فقد قال عز وجل : ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين .




الخدمات العلمية