الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5710 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما ينبغي لعبد أن يقول : إني خير من يونس بن متى " . متفق عليه .

وفي رواية البخاري قال : " قال : أنا خير من يونس بن متى فقد كذب " .

التالي السابق


5710 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ما ينبغي لعبد أن يقول : إني ) أي : ويعني نفسه أو نفسي ( " خير من يونس بن متى " ) أي : فضلا عن غيري ( متفق عليه ) .

( وفي رواية للبخاري قال : " من قال : أنا خير " ) أي : في النبوة ( " من يونس بن متى لقد كذب " ) : لأن الأنبياء كلهم متساوون في مرتبة النبوة ، وإنما التفاضل باعتبار الدرجات ، وخص يونس بالذكر لأن الله تعالى وصفه بأوصاف توهم انحطاط رتبته حيث قال : فظن أن لن نقدر عليه ) إذ أبق إلى الفلك المشحون فلفظ : " أنا " واقع موقع " هو " ، ويكون راجعا إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ويحتمل أن يكون المراد به نفس القائل ، فحينئذ كذب بمعنى كفر ، كنى به عن الكفر ، لأن هذا الكذب مساو للكفر .

[ ص: 3646 ] قال النووي - رحمه الله : قيل ضمير المتكلم يعود إلى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وقيل : يعود إلى كل قائل أي : لا يقوله بعض الجاهلين من المجتهدين في العبادة ، أو العلم ، أو غير ذلك من الفضائل ، فإنه لو بلغ ما بلغ إلا أنه لم يبلغ درجة النبوة ، ويؤيده الرواية الأولى : ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى . أقول : في تأييدها نظر لتحقق الاحتمالين فيه أيضا ، بل المعنى الثاني أظهر منها حيث قال : ما ينبغي لعبد بطريق العموم المشير إلى أنه حديث قدسي على ما ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية مسلم عن أبي هريرة : قال الله تعالى : لا ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى .

قال الخطابي : وإنما خص يونس بالذكر لأن الله تعالى لم يذكره في جملة أولي العزم من الرسل ، وقال : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم فقصر به عن مراتب أولي العزم والصبر من الرسل ، يقول - صلى الله تعالى عليه وسلم : إذا لم آذن لكم أن تفضلوني على يونس بن متى ، فلا يجوز لكم أن تفضلوني على غيره من ذوي العزم من أجلة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم . وهذا منه عليه الصلاة والسلام على سبيل التواضع والهضم من النفس ، وليس ذلك بمخالف لقوله : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " لأنه لم يقل ذلك مفتخرا ولا متطاولا به على الخلق ، وإنما قال ذلك ذكرا للنعمة ومصرفا بالمنة ، وأراد بالسيادة ما يكرم به في القيامة من الشفاعة ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية