الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
566 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : إن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل : يا رسول الله ، ألي هذا ؟ قال : " لجميع أمتي كلهم " وفي رواية : " لمن عمل بها من أمتي . متفق عليه .

التالي السابق


566 - ( وعن ابن مسعود قال : إن رجلا أصاب من امرأة ) : حال من قوله : ( قبلة ) : قال الطيبي : هو أبو اليسر بفتحتين ، روى الترمذي عنه أنه قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا ، أي : تشتريه ، فقلت : إن في البيت تمرا أطيب منه ، فدخلت معي في البيت فأهويت فقبلتها . اهـ .

قلت : هذا شأمة الخلوة بالأجنبية والأجنبي . قال ابن الملك : فقالت : اتق الله ، فندم ( فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ) : عملا بقوله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك الآية : ( فأخبره ) أي : بالواقعة . قال ابن الملك : فقال عليه الصلاة والسلام : فانتظر أمر ربي ، فصلى العصر ( فأنزل الله تعالى ) . قال الطيبي : الفاء في " فأنزل " عطف على مقدر ، أي : فأخبره ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى الرجل ، فأنزل الله - يدل عليه الحديث الآتي - " وأقم الصلاة طرفي النهار " : قيل : صلاة الفجر والظهر طرف ، وصلاة العصر والمغرب طرف ، وجعل المغرب فيه تغليب أو من مجاز المجاورة ، وكذا جعل الظاهر طرفا لا يخلو عن مجاز " وزلفا " : أي : ساعات " من الليل " : صلاة العشاء ، وقيل : طرفي النهار الغدوة والعشي : فالفجر صلاة [ ص: 508 ] الغدوة ، والظهر والعصر صلاة العشي ; لأن ما بعد الزوال عشاء " وزلفا من الليل " صلاة العشاء على الأول ، والمغرب والعشاء على الثاني ، وهو الأظهر ، وبه فسره الأكثرون ، والزلفة : قطعة من الليل ، كذا قالوا يعني : قريبة من النهار . قال تعالى : وإذا الجنة أزلفت " إن الحسنات " أي : كالصلوات ; فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " يذهبن " : أي : يكفرن " السيئات " : أي : الصغائر ، لما ورد من القبلة والخلوة ، ولما تقدم من إجماع الأمة . ( فقال الرجل ) : أي : السائل ( يا رسول الله ، ألي ) : أي : بسكون الياء وتفتح ( هذا ؟ ) قال الطيبي : هذا : مبتدأ ، ولي : خبره ، والهمزة حرف الاستفهام لإرادة التخصيص أي : مختص لي هذا الحكم ، أو عام لجميع المسلمين ؟ ( قال : " لجميع أمتي كلهم " ) : تأكيد بعد تأكيد ; ليشمل الموجودين والمعدومين ، أي : هذا لهم وأنت منهم ، قاله الطيبي : والمبهم أولى كما لا يخفى ( وفي رواية ) : أي : للشيخين ، عن ابن مسعود أيضا ، كما أفاده تأخير المصنف ، قوله : متفق عليه إلى ما بعدها ( لمن عمل بها ) : أي : بهذه الآية ، بأن فعل حسنة بعد سيئة ، وهذا القيد مراد في الرواية الأولى ; لأن إسناد الإذهاب للحسنات يقتضي وجودها ( من أمتي ) : وظاهره أنه من خصوصيات هذه الأمة المرحومة ببركة الرحمن ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية