الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6008 - وعن أبي بردة ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : رفع - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى السماء ، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء . فقال : ( النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ؟ وأنا أمنة أصحابي ، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) . رواه مسلم .

التالي السابق


6008 - ( وعن أبي بردة عن أبيه ) : وهو أبو موسى الأشعري ( قال ) أي : أبوه ( رفع يعني النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ) : هذا قول أبي بردة وضمير يعني إلى أبيه أي : يريد أبو موسى بالضمير الفاعل في قوله : رفع النبي وترك اسمه لظهوره ، والمعنى رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ( رأسه إلى السماء ، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء ) أي : انتظارا للوحي الإلهي بالنزول الملكي . قال الطيبي : من بيان لكثيرا ، ويجوز أن تكون من زائدة ، وهو خبر كان أي : كان كثيرا رفع رأسه ، وما : مصدرية انتهى . والجملة معترضة حالية . ( فقال : النجوم أمنة للسماء ) : بفتح الهمز والميم أي : أمن ، وقيل : أمان ومرحمة . وقيل : حفظة جمع أمين وهو الحافظ ذكره شارح . وقال الطيبي : يقال أمنته وأمنته غيري ، وهو في أمن منه وأمنة وفلان أمنة وأمنة بسكون الميم كأنها المرة من الأمن ، ويجوز أن يكون جمع أمن كبار وبررة ، ( إذا ذهبت النجوم ) أي : الشاملة للشمس والقمر ( أتى السماء ما توعد ) أي : ما وعد له من الانشقاق والطي يوم القيامة ، والمراد بذهاب النجوم تكويرها وانكدارها وانعدامها على ما في ( النهاية ) وغيره . ( وأنا أمنة لأصحابي ) : قال الطيبي : إذا نسب أمنة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتمل وجهين . أحدهما : أن يكون مصدرا مبالغة نحو : رجل معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدل أو جمعا فيكون من باب قوله تعالى : شهابا رصدا أي : راصدين وقوله تعالى : إن إبراهيم كان أمة قانتا فجعل - صلى الله عليه وسلم - أمنا لأصحابه بمنزلة الجماعة ، ( فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون ) . أي : من الفتن والمخالفات والمحن ( وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي ) أي : جميعهم ( أتى أمتي ما يوعدون ) أي : من ذهاب أهل الخير ، ومجيء أهل الشر وقيام الساعة عليهم . قال في ( النهاية ) : والإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه ، فلما توفي وجالت الآراء ، واختلفت الأهواء كان أصحابه يسندون الأمر إليه - صلى الله عليه وسلم - في قول أو فعل أو دلالة حال ، فلما فقدوا قلت الأنوار وقويت الظلم ، وكذلك حال السماء عند ذهاب النجوم . قلت : ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) . ( رواه مسلم ) . وكذا الإمام أحمد في ( مسنده ) .

[ ص: 3877 ]



الخدمات العلمية