الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6037 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة ، وسمعت خشفة ، فقلت من هذا ؟ فقال : هذا بلال . ورأيت قصرا بفنائه جارية ، فقلت لمن هذا ؟ قالوا : لعمر بن الخطاب ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك ) فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! أعليك أغار . متفق عليه .

التالي السابق


6037 - ( وعن جابر قال : قال النبي ) : وفي نسخة : رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ( دخلت الجنة ) أي : ليلة المعراج ، أو في عالم الكشف ، أو حالة الرؤيا ( فإذا أنا بالرميصاء ) : بالصاد المهملة تصغير رمصاء ، وهي امرأة في عينها رمص بفتحتين ، وهو ما جمد من الوسخ في الموق وهو هنا اسم أم أنس أو لقبها ( امرأة أبي طلحة ) ، بدل أو عطف بيان وجوز رفعها وكذا نصبها ( وسمعت خشفة ) : بفتح المعجمتين والفاء أي حركة وزنا ومعنى ، وفي نسخة بالسكون أي صوتا ، ففي المشارق الخشفة بفتح الخاء وسكون الشين هو الصوت ليس بالتشديد . قال أبو عبيد ، وقال الفراء : هو الصوت الواحد وبتحريك الشين الحركة ، وفي ( النهاية ) الخشفة بالفتح والسكون الحركة اهـ . والمراد هنا صوت النعل الناشئ من حركة الماشي ( فقلت : من هذا ) ؟ أي المتحرك أو صاحب الحركة ( قال ) أي : قائل من جبريل أو غيره من الملائكة أو خزان الجنة ( هذا بلال ، ورأيت قصرا بفنائه ) : بكسر الفاء وتخفيف النون والمد أي : ما امتد من جوانبه ( جارية ) ، أي مملوكة أو حوراء ( فقلت : لمن هذا ) ؟ أي القصر وما فيه وفي حواليه ( فقالوا ) : وفي نسخة : قالوا أي : جماعة من أهل الجنة أو من سكان القصر ( لعمر بن الخطاب ، فأردت أن أدخله ) أي : القصر ( فأنظر إليه ) أي : نظرا مفصلا أو إلى باطنه كما رأيت ظاهره ( فذكرت غيرتك ) . أي شدتها وحدتها وفي القاموس يقال : غار على امرأته وهي عليه تغار غيرة بالفتح ( قال عمر : بأبي أنت وأمي ) : الباء للتعدية ، وأنت مبتدأ ، وبأبي خبره أي : أنت مفدى بأبي وأمي كذلك ، وفي نسخة بأبي وأمي أي أنت مفدى بهما ، والمعنى جعلهما الله فداءك ( يا رسول الله ! أعليك ) أي : على فعلك أو دخولك ( أغار ) ؟ متكلم من الغيرة ، وقيل في الكلام قلب ، والأصل أعليها أغار منك ؟ وزاد عبد العزيز : وهل رفعني الله إلا بك ، وهل هداني الله إلا بك ؟ ذكره السيوطي . ( متفق عليه ) .

وروى أحمد والترمذي وابن حبان والنسائي عن أنس ، وأحمد والشيخان عن جابر ، وأحمد أيضا عن بريدة وعن معاذ مرفوعا : ( دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لشاب من قريش ، فظننت أني أنا هو . قلت : ومن هو ؟ قالوا : عمر بن الخطاب ، فلولا ما علمت من غيرتك لدخلت ) . وروى أحمد ومسلم والنسائي عن أنس مرفوعا : ( دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي ، فقلت : ما هذه الخشفة ؟ فقيل : الغميصاء بنت ملحان ) . ورواه عبد بن حميد عن أنس ، والطيالسي عن جابر بلفظ : ( دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت : ما هذه ؟ قالوا : هذا بلال ، ثم دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت : ما هذه ؟ قالوا : هذه الغميصاء بنت ملحان ) .

[ ص: 3896 ] قال في ( الرياض ) : عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أدخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب ولؤلؤ فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر بن الخطاب ، فما منعني أن أدخله إلا علمي بغيرتك ) . قال : عليك أغار بأبي أنت وأمي عليك أغار ! أخرجه أبو حاتم ، وخرجه مسلم ولم يقل من ذهب ولؤلؤ ، وعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أدخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب . قالوا : لعمر بن الخطاب ) . أخرجه أحمد وأبو حاتم . وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا أنا بامرأة تتوضأ إلى جانب قصر . قلت : لمن هذا ؟ فقالت : لعمر بن الخطاب ، فذكرت غيرة عمر فوليت مدبرا ) . قال أبو هريرة : فبكى عمر ونحن جميع في ذلك المجلس ، ثم قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! أعليك أغار ؟ أخرجه مسلم والترمذي وأبو حاتم . وعن بريدة قال ؟ لما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بلالا فقال : ( يا بلال بم سبقتني إلى الجنة ؟ ما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك أمامي ، دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي ، فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقالوا : لرجل من العرب . قلت : أنا عربي . لمن هذا القصر ؟ فقالوا : لرجل من قريش ، فقلت : أنا قريشي . لمن هذا القصر ؟ قالوا : لرجل من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ) . قال : ( أنا محمد لمن هذا القصر ؟ قالوا : لبلال ) . فقال : يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عنده ، ورأيت أن لله علي ركعتين . قال - صلى الله عليه وسلم - : ( بهما ) .




الخدمات العلمية