الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6204 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد . قيل لأنس : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي . متفق عليه .

التالي السابق


6204 - ( وعن أنس - رضي الله عنه - قال : جمع القرآن ) ، أي : قرأه كله ذكره شارح والأظهر أنه حفظه أجمع ( على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ، أي : في زمانه ( أربعة ) ، أي : من الرجال ، أراد أنس بالأربعة أربعة من رهطه وهم الخزرجيون ، إذ روي أن جمعا من المهاجرين أيضا جمعوا القرآن . ( أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ) ، وقد سبق ذكرهم ( وأبو زيد قيل لأنس من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي ) : بضم العين والميم أي : أحد أعمامي ، قال المؤلف في أسمائه ، هو الذي جمع القرآن حفظا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف في اسمه فقيل : سعيد بن عمير ، وقيل : قيس بن السكن . اهـ .

والحاصل أن الذين حفظوا القرآن كله في حياته - صلى الله عليه وسلم - وهم من الأنصار هذه الأربعة ، فلا منافاة بينه وبين خبر : استقرءوا القرآن على أن مفهوم العدد غير معتبر ، وعلى أنه لا يلزم من الأخذ بالقرآن منهم أن يكونوا استظهروا القرآن جميعه ، هذا وفي شرح مسلم قال المازري : هذا الحديث مما تعلق به بعض الملاحدة في تواتر القرآن ، وجوابه من وجهين . أحدهما : أنه ليس فيه تصريح لأن غير الأربعة لم يجمعه ، فيكون المراد الذين علمهم من الأنصار أربعة ، فالمراد نفي علمه لا نفي غيره من القراء ، وقد روى مسلم : حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر منهم المازري خمسة عشر صحابيا ، وثبت في الصحيح أنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمع القرآن ، وكانت اليمامة قريبا من وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ ، فكيف الظن . بمن لم يقتل ممن حضرها ومن لم يحضرها ، ولم يذكر في هؤلاء ، الأربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، ونحوهم من كبار الصحابة الذين يبعد كل البعد أنهم لم يجمعوا مع كثرة رغبتهم في الخير وحرصهم على ما هو دون ذلك من الطاعات ، وكيف يظن هذا بهم ، ونحن نرى أهل عصرنا يحفظه منهم في كل بلدة ألوف . وثانيهما : أنه لو ثبت أنه لم يجمع إلا أربعة لم يقدح في تواتره ، إذ ليس من شرط التواتر أن ينقل جميعهم جميعه ، بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك . قال التوربشتي : المراد من الأربعة أربعة من رهط أنس ، وهم الخزرجيون ، ويحتمل أنه أراد أربعة من الأنصار أوسهم وخزرجهم وهو أشبه ، وكان بين الحيين مناوأة قبل الإسلام بقيت منها بقية من العصبية بعد الإسلام ، فلعله ذكر ذلك على سبيل المفاخرة لما روي عن أنس أنه قال : افتخرت الأوس والخزرج فقالت الأوس : منا غسيل الملائكة حنظلة بن الكاتب ، ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت ، ومنا من اهتز العرش لموته سعد بن معاذ . وقالت الحزرج : منا أربعة قرأوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأه غيرهم : زيد بن ثابت ، وأبو زيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبي بن كعب . فقوله : لم يقرأه غيرهم أي لم يقرأ كله أحد منكم يا معشر الأوس . ( متفق عليه ) .

[ ص: 4001 ]



الخدمات العلمية