الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6209 - وعن سعد بن أبي وقاص قال ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام . متفق عليه .

التالي السابق


6209 - ( وعن سعد بن أبي وقاص ، قال : ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض ) : صفة مؤكدة لأحد كما في قوله تعالى : وما من دابة في الأرض لمزيد التعميم والإحاطة . اهـ . وفيه نظر لا يخفى ، إذ الحديث ليس من قبيل الآية ، فإن الدابة ما تدب على الأرض ، فتكون الأرض داخلة في مفهوم الدابة ، فذكرها يفيد التأكيد . ونظيره رأيته بعيني وسمعته بأذني بخلاف لفظ أحد ، فإنه يفيد معنى العموم القابل للتقييد ، فقوله يمشي على وجه الأرض صفة احترازية ممن كان قبله من العشرة ، فكأنه قال لأحد هو حي الآن على وجه الأرض : ( إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام ) . وقال ميرك : يحتمل أن قوله ( على وجه الأرض ) صفة مخصصة لأهل الجنة ، لكن يرد عليه أنه حين التكلم حي . اهـ . وقال النووي : ليس هذا مخالفا لقوله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة إلى آخر العشرة وغيرهم من المبشرين بالجنة ، فإن سعدا قال : ما سمعت ، ونفي سماعه ذلك لا يدل على نفي البشارة للغير ، وإذا اجتمع النفي والإثبات فالإثبات مقدم عليه . اهـ . ويؤيد ما قدمناه ما ذكره الحافظ العسقلاني بأن الحديث استشكل بأنه - صلى الله عليه وسلم - " قال لجماعة : إنهم من أهل الجنة غير عبد الله بن سلام ، ويبعد أن لا يطلع سعد على ذلك أو ينفي سماع ذلك عن نفسه كراهة تزكية نفسه ، فالظاهر أن ذلك بعد موت المبشرين ; لأن عبد الله بن سلام عاش بعدهم ، ولم يتخذ بعده من العشرة غير سعد وسعيد ، ويؤخذ ذلك من قوله يمشي على وجه الأرض ، ووقع عند الدارقطني : ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لحي يمشي أنه من أهل الجنة . اهـ .

ولا يخفى ما فيه من الغموض على حصول المدعي ، اللهم إلا أن يقال : إن سعدا لم يذكر نفسه بناء على أن تبشيره بلغه من غيره ، وهذا سمعه بنفسه كما يشير إليه صدر الحديث ، لكن يبقى الكلام في وجود سعيد حيا ، ويمكن دفعه به أيضا ، ويمكن أن يراد بقوله ( يمشي ) أنه وقع بشارته - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله حين كان يمشي على وجه الأرض ، بمعنى أنه يسير بخلاف بشارات غيره ، وبه يزول الإشكال والله أعلم بالأحوال . ( متفق عليه ) . ورواه النسائي .




الخدمات العلمية