الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6261 - وعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني مجهود . فأرسل إلى بعض نسائه فقالت : والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك ، وقلن كلهن مثل ذلك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من يضيفه يرحمه الله . فقام رجل من الأنصار - يقال له أبو طلحة - فقال : أنا يا رسول الله ، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته : هل عندك شيء ؟ قالت : لا إلا قوت صبياني . قال : فعلليهم بشيء ونوميهم فإذا دخل ضيفنا فأريه أنا نأكل فإذا أهوى بيده ليأكل فقومي إلى السراج كي تصلحيه فأطفئيه ففعلت ، فقعدوا وأكل الضيف ، وباتا طاويين ، فلما أصبح غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد عجب الله أو ضحك الله من فلان وفلانة . وفي رواية مثله ولم يسم أبا طلحة ، وفي آخرها فأنزل الله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " متفق عليه .

التالي السابق


6261 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني مجهود ) . أي فقير أصابه الجهد ، وهو المشقة والحاجة أو الجوع فأرسل ) ، أي : النبي - عليه الصلاة والسلام - ( إلى بعض نسائه ) ، أي : من الأزواج الطاهرات ( فقالت : والذي بعثك بالحق ما عندي ) ، أي : من المأكول والمشروب ( إلا ماء ، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك ) . أي وهكذا حتى أرسله إلى كل واحدة منهن ( وقلن كلهن مثل ذلك ) ، ولعل هذا كان في أول الحال قبل أن يفتح خيبر وغيرها ، ويحصل الغنائم والأموال ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من يضيفه " ) ؟ من باب التفعيل ، وفي نسخة من باب الإفعال وهو مرفوع ، فمن موصولة مبتدأ خبره جملة قوله : ( " يرحمه الله " فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة ) ، وهو زيد بن سهل الأنصاري ، زوج أم أنس بن مالك وسبق ذكره . ( فقال : أنا ) ، أي : أضيفه ( يا رسول الله فانطلق به إلى رحله ) ، أي : منزله فقال لامرأته : وهي أم أنس هل عندك شيء ) ؟ أي من الطعام ( قالت : لا ، إلا قوت صبياني ) : بالرفع ، وقيل بالنصب أي : إلا قوت الصغار بناء على أنهم يجوعون في كل ساعة من الليل والنهار ، وإلا فمن المعلوم أنه لا يجوز إجاعة الصبيان وإضاعتهم وإطعام الضيفان وإطاعتهم . ( قال : فعلليهم ) ، أي : سكنيهم من علله بشيء أي ألهاه ( ونوميهم ) ، أي رقديهم ، وكأنه قصد أنهم إن يروا أكل الضيف فيشتهوا كما هو عادة الأولاد ( فإذا دخل ضيفنا فأريه ) ، أي : فأحضريه لأنها كانت عجوزا ، والقضية قبل الحجاب ، وأظهريه ( أنا ) ، أي : جميعنا ( نأكل ) ، أي من هذا الطعام ، فإن الضيف إذا رأى أن أحدا امتنع من الأكل ربما تشوش خاطره ( فإذا أهوى ) ، أي : قصد الضيف ومد ( بيده ليأكل ، فقومي إلى السراج كي تصلحيه ) ، أي : لإصلاحه فكي تعليلية ( فأطفئيه ) ، أي ليقع الظلام فلا يطلع على امتناعنا من أكل الطعام ( ففعلت ، فقعدوا ) ، أي ثلاثتهم ( وأكل الضيف ، وباتا طاويين ) ، أي جائعين ( فلما أصبح ) ، أي : الضيف . قال الطيبي : هي هاهنا تامة وقوله ( غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : جواب لما وضمن فيه معنى .

[ ص: 4030 ] الإقبال أي : لما دخل في الصباح أقبل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاديا اهـ . وفي أكثر النسخ المصححة : إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمعنى ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغدوة ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أي : بنور الكشف أو من طريق الوحي ( " لقد عجب الله أو ضحك الله ) : والمعنى رضي ( " من فلان وفلانة " ) . أي أبي طلحة وامرأته .

( وفي رواية مثله ) بالرفع وفي نسخة بالنصب أي مثل ما ذكر من الحديث المتقدم ( ولم يسم أبا طلحة ) أي في هذه الرواية ( وفي آخرها فأنزل الله تعالى : ويؤثرون ، أي : أضيافهم أو غيرهم على أنفسهم ، أي : على حظوظها ولو كان ، أي : وقع بهم خصاصة أي حاجة ومجاعة . قال الطيبي : والجملة في موضع الحال ، ولو بمعنى الفرض أي يؤثرون على أنفسهم مفروضة خصاصتهم ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية