الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1551 - وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال : عادني النبي من وجع كان بعيني . رواه أحمد ، وأبو داود .

التالي السابق


1551 - ( وعن زيد بن أرقم قال : عادني ) : بفتح الياء ويسكن . ( النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجع ) أي : من رمد كما في رواية قاله ميرك . ( كان بعيني ) : بتشديد الياء ، وفي نسخة صحيحة بتخفيفها ، والمراد به الجنس . قال في الأزهار : فيه بيان استحباب العيادة ، وإن لم يكن المرض مخوفا كالصداع ، ووجع الضرس ، وإن ذلك عيادة حتى يحوز بذلك أجر العيادة ، ويحنث به خلافا للشيعة . أقول : وروي عن بعض الحنفية : أن العيادة في الرمد ووجع الضرس خلاف السنة ، والحديث يرده ، ولا أعلم من أين تيسر لهم الجزم بأنه خلاف السنة ، مع أن السنة خلافه ! نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وقد ترجم عليه أبو داود في سننه فقال : باب العيادة من الرمد ، ثم أسند الحديث ، والله الهادي ، ذكره ميرك .

أقول : يحمل قوله خلاف السنة على السنة المؤكدة ، ولا يرد الحديث إذ ليس فيه تصريح منه - صلى الله عليه وسلم - بأنه عيادة ، بل يحتمل أن يكون زيادة ، وإنما قال الصحابي : على زعم أنه عيادة أو على أنه مشابه بالعيادة فأطلقه مجازا ، مع [ ص: 1135 ] أنه معارض بما أخرجه البيهقي والطبراني مرفوعا : " ثلاثة ليس لهم عيادة : العين ، والرمد ، والضرس " . وإن صحح البيهقي أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير كما نقله ابن حجر ، ثم مبنى الإيمان وحنثه عندنا على العرف والعادة لا على اللغة والسنة الثابتة ، وترجمة أبي داود : لا تكون حجة على غيره . قال في شرعة الإسلام . ومن السنة أي : المؤكدة أن يعود أخاه فيما اعتراه أي : أصابه من المرض إلا في ثلاثة أمراض : صاحب الرمد ، والضرس ، والدمل .

قال الشارح : وبتقييدنا السنة بالمؤكدة يندفع ما يتوهم من المخالفة بين ما ذكره المصنف ، وبين ما ذكر في المصابيح من أن زيد بن أرقم قال : عادني النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجع كان بعيني ; فإنه محمول على أنه من السنن الغير المؤكدة ، وخلاصة الكلام أنه لا يلزم فيها العيادة ، لا أنه منهي عنها اهـ . وقال ابن الملك : وهذا يدل على أن من لم يقدر أن يخرج من بيته بعلة فعيادته سنة ، وقد عرفت ما فيه . ( رواه أحمد ، وأبو داود ) قال ميرك : وسكت عليه هو والمنذري ، ورواه الحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرط الشيخين .




الخدمات العلمية