الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2312 - وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي ; كان كمن حج مائة حجة ، ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي ; كان كمن حمل على مائة فرس في سبيل الله ، ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة بالعشي ; كان كمن أعتق مائة رقبة من ولد إسماعيل ، ومن كبر الله مائة بالغداة ومائة بالعشي ; لم يأت في ذلك اليوم أحد بأكثر مما أتى به إلا من قال مثل ذلك ، أو زاد على ما قال " . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


2312 - ( وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سبح الله مائة ) أي : من قال : سبحان الله مائة مرة ( بالغداة ) : بفتحتين بعدها ألف ، ويجوز ضم الأول وسكون الثاني وبعده " واو " ( ومائة بالعشي ) أي : أول النهار وأول الليل ، أو في الملوين ( كان كمن حج مائة حجة ) أي : نافلة . دل الحديث على أن الذكر بشرط الحضور مع الله بسهولته أفضل من العبادات الشاقة بغفلته ، ويمكن أن [ ص: 1603 ] يكون الحديث من باب إلحاق الناقص بالكامل مبالغة في الترغيب ، أو يراد التساوي بين التسبيح المضاعف بالحجج الغير مضاعفة ، والله أعلم . ( ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حمل ) : بالتخفيف أي : ركب مائة نفس ( على مائة فرس في سبيل الله ) أي : في نحو الجهاد إما صدقة أو عارية ، وفيه ترغيب للذاكر في الذكر لئلا يلتفت إلى الدنيا ، ويجمع همته على الحضور مع المولى ، إذ المقصود من جميع العبادات البدنية والمالية ، والمركب منها إنما هو ذكر الله لا غير ، ولا شك أن المطلوب أحسن من الوسيلة . ( ومن هلل الله ) أي : قال : لا إله إلا الله ( مائة بالغداة ومائة بالعشي ; كان كمن أعتق مائة رقبة ) : وفيه تسلية للذاكرين من الفقراء العاجزين عن العبادات المالية المختصة بها الأغنياء ، ( من ولد إسماعيل ) : بضم الواو وسكون اللام وبفتحهما ، يقع على الواحد والتثنية والجمع ، والمراد من أولاد إسماعيل العرب ، لأنهم أفضل الأصناف لكونهم من أقارب نبينا - صلى الله عليه وسلم - فهو تتميم ومبالغة في معنى العتق . ( ومن كبر الله مائة بالغداة ومائة بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحد ) أي : يوم القيامة ( بأكثر ) أي : بثواب أكثر ، أو المراد بعمل أفضل ، وإنما عبر بأكثر لأنه معنى أفضل ( مما أتى به ) أي : جاء به أو بمثله . قال ابن حجر : ظاهره أن هذا أفضل من جميع ما قبله ، والذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة الكثيرة أن أفضل هذا : التهليل فالتحميد فالتكبير فالتسبيح ، فحينئذ يئول بأن يقال : لم يأت في ذلك اليوم أحد غير المهلل والحامد المذكورين بأكثر مما أتى به . ( إلا من قال مثل ذلك أو زاد على ما يقال " . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن غريب ) .




الخدمات العلمية