الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2962 - وعنه قال : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم : ربعة أو حائط : " لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به . رواه مسلم .

التالي السابق


2962 - ( وعنه ) أي : عن جابر قال : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة ) بكسر فسكون أي : ذي شركة بمعنى مشتركة ( لم تقسم ) صفتها ( ربعة ) بفتح راء فسكون موحدة أي : دار ومسكن وضيعة ( أو حائط ) أي : بستان ، وهما بدل من شركة ، وقيل هما مرفوعان على أنهما خبر مبتدأ محذوف هو هي . في الحديث دلالة على أن الشفعة لا تثبت إلا فيما لا يمكن نقله ، كالأراضي والدور والبساتين دون ما يمكن كالأمتعة والدواب ، وهو قول عامة أهل العلم . قال الطيبي - رحمه الله - : " قالوا : الحكمة في ثبوت الشفعة إزالة الضرر عن الشريك ، وخصت بالعقار لأنه أكثر الأنواع ضررا ، واتفقوا على أن لا شفعة في غير العقار من الحيوان والثياب والأمتعة وسائر المنقولات ، واستدل أصحابنا بهذا الحديث على أن الشفعة لا تثبت إلا في عقار متحمل للقسمة بخلاف الحمام والرحى ونحو ذلك ، ثم الشركة لا تختص بالمسلم بل تعم المسلم والذمي ، وبه قال الجمهور ، وقال الشعبي ، والحسن ، وأحمد : لا شفعة للذمي على المسلم ( " لا يحل له " ) أي : لكل شريك ( " أن يبيع " ) أي : حصته ( " حتى يؤذن " ) بسكون الهمز ويبدل ، أي : حتى يعلم ( " شريكه " ) فيه دلالة على وجوب العرض على الشريك إذا أراد البيع ( " فإن شاء أخذ " ) أي : أعطاه غيره ( " وإن شاء ترك " ) أي : طلب الشفعة ، قيل : الحديث يدل على أن البيع بدون الإعلام باطل ، وليس كذلك لأنه صحيح لكن ينتقل من جانب المشتري إلى الشفيع ، وهذا معنى قوله : ( " فإذا باع فلم يؤذن فهو " ) أي : الشريك ( " أحق " ) أي : من المشتري ( " به " ) أي : بأخذ المبيع ، وأجيب عن الإشكال : بأن الحلال هنا بمعنى المباح ، والبيع المذكور مكروه ، والمكروه يصدق عليه أنه ليس حلالا بهذا المعنى ، لأن المباح ما يستوي طرفاه ، والمكروه راجح الترك ، قال الطيبي - رحمه الله - : " واختلف فيما لو أعلم الشريك بالبيع فأذن له ، ثم أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابهم وغيرهم : له أن يأخذ بالشفعة ، وقال النووي وطائفة من أهل الحديث : ليس له الأخذ . وعن أحمد روايتان كالمذهبين . ( رواه مسلم ) .

[ ص: 1982 ]



الخدمات العلمية