الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2986 - ( الفصل الثاني ) عن خارجة بن الصلت عن عمه قال : أقبلنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتينا على حي من العرب فقالوا : إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير فهل عندكم من دواء أو رقية فإن عندنا معتوها في القيود ؟ فقلنا : نعم فجاءوا بمعتوه في القيود فقرأت عليه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل ، قال : فكأنما أنشط من عقال فأعطوني جعلا فقلت : لا حتى أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : كل فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق . رواه أحمد ، وأبو داود .

التالي السابق


2986 - ( الفصل الثاني ) ( عن خارجة بن الصلت ) بفتح فسكون قال المؤلف : هو من بني تميم تابعي روى عن ابن مسعود وعن عمه ، وعنه الشعبي ، وحديثه عند أهل الكوفة ( عن عمه ) لم يذكره المصنف باسمه في أسماء رجاله ، والظاهر أنه من الصحابة فجهالته لا تضر ( قال ) أي : عمه ( أقبلنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : رجعنا من حضرته ( فأتينا على حي ) أي : قبيلة ( من العرب ) أي : من أحيائهم وقبائلهم ( فقالوا ) أي : بعض أهل الحي ( إنا أنبئنا ) أي : أخبرنا ( أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل ) أي : الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( بخير ) أي : بالقرآن وذكر الله ( فهل عندكم من دواء أو رقية ) أو للتنويع أو للشك ( فإن عندنا معتوها ؟ ) أي : مجنونا وفي المغرب هو ناقص العقل ، وقيل : المدهوش من غير جنون ( في القيود فقلنا : نعم فجاءوا ) وفي نسخة : قال [ ص: 1993 ] أي عمه فجاءوا ( بمعتوه في القيود فقرأت عليه بفاتحة الكتاب ) لما ورد : فاتحة الكتاب شفاء من كل داء ( ثلاثة أيام غدوة وعشية ) أي : أول النهار وآخره أو نهارا وليلا ( أجمع ) استئناف بيان بصيغة المتكلم ( بزاقي ) بضم الموحدة ماء الفم ( ثم أتفل ) بضم الفاء ويكسر أي أبصق كذا في القاموس ، وفي الاقتطاف : التفل شبيه بالبزاق ، يقال : بزق ثم تفل ثم نفث ثم نفخ ، وفي النهاية : التفل نفخ معه ريق وهو أكثر من النفث ( قال ) أي : عمه ( فكأنما أنشط ) بصيغة المجهول أي أطلق ذلك الرجل ( من عقال ) بكسر أوله أي من حبل مشدود به والمراد أنه زال عنه ذلك الجنون في الحال ، قال التوربشتي : " يقال : نشطت الحبل أنشطه نشطا أي عقدته وأنشطته أي حللته وهذا القول أعني أنشط من عقال يستعملونه في خلاص الموثوق وزوال المكروه في أدنى ساعة " ، قال الطيبي - رحمه الله - : " الكلام فيه التشبيه شبه سرعة برئه من الجنون بواسطة قراءة الفاتحة والتفل بجمل معقول برأ من عقال فتراه سريع النهوض " ( فأعطوني جعلا ) بضم الجيم أي أجرا ( فقلت لا ) أي : لا آخذ ( حتى أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كل " ) عطف على محذوف أي ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته الخبر وسألته فقال : كل ( فلعمري ) بفتح العين أي لحياتي واللام فيه لام الابتداء وفي قوله ( لمن أكل برقية باطل ) جواب القسم أي من الناس من يأكل برقية باطل كذكر الكواكب والاستعانة بها وبالجن ( لقد أكلت برقية حق ) بذكر الله تعالى وكلامه وإنما حلف بعمره لما أقسم الله تعالى به حيث قال : ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قال المظهر : " هو بفتح العين وضمها أي حياتي ولا يستعمل في القسم إلا مفتوح العين ، واللام في لمن أكل جواب القسم أي من الناس من يرقي برقية باطل ويأخذ عليها عوضا أما أنت فقد رقيت برقية حق اه وهذا حاصل المعنى فلا يتوهم أن لفظ الحديث فقد بالفاء ، بل اللام كما سيأتي ، فإن قيل : كيف أقسم بغير اسم الله وصفاته ؟ قلنا : ليس المراد به القسم بل جرى كذا اللفظ في كلامه على رسمهم ، قال الطيبي : " لعله كان مأذونا بهذا الإقسام وإنه من خصائصه لقوله تعالى " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون " قيل : أقسم الله تعالى بحياته وما أقسم بحياة أحد قط كرامة له " ومن " في " لمن أكل " شرطية واللام موطئة للقسم والثانية جواب للقسم ساد مسد الجزاء ; أي لعمري لئن كان ناس يأكلون برقية باطل لأنت أكلت برقية حق ، وإنما أتى بالماضي في قوله " أكلت " بعد قوله " كل " دلالة على استحقاقه ، وأنه حق ثابت وأجرته صحيحة ( رواه أحمد وأبو داود ) رحمهم الله .




الخدمات العلمية