الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3042 - وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر . متفق عليه .

التالي السابق


3042 - ( وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألحقوا ) بفتح همزة وكسر حاء أي : أوصلوا ( الفرائض ) أي : الحصص المقدرة في كتاب الله تعالى من تركة الميت ( بأهلها ) أي المبينة في الكتاب والسنة ( فما بقي ) بكسر القاف أي : فما فضل بينهم من المال ( فهو لأولى ) أي : أقرب ( رجل ) أي : من الميت ( ذكر ) تأكيد أو احتراز من الخنثى وقيل أي : صغير أو كبير وفي شرح الطيبي - رحمه الله - قال العلماء : المراد بالأولى الأقرب مأخوذ من الولي وهو القرب ، وصف الرجل بالذكر تنبيها على سبب استحقاقه وهي الذكورة التي سبب العصوبة وسبب الترجيح في الإرث ; ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وحكمته أن الرجال يلحقهم مؤن كثيرة في القيام بالعيال والضيفان وإرفاد القاصدين ومواساة السائلين وتحمل الغرامات وغير ذلك ، وقال ابن حجر - رحمه الله - : [ ص: 2022 ] ليس أولى هنا بمعنى أحق لأنا لا ندري من هو أحق بل هو بمعنى أقرب وفيه أن الأقرب هو لقوله تعالى بعد تعيين أرباب الفرائض ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) يعني وإنما نحن نعلم وقد تولينا أمر الوراثة وحكمنا عليكم وما فوضناه إليكم قال : والمراد قرب النسب وإنما ذكر ذكرا بعد الرجل لتأكيد أحق لأن الرجل في المشهور هو الذكر البالغ من بني آدم ، وقيل : للاحتراز من الخنثى المشكل فإنه لا يجعل عصبة ولا صاحب فرض جزما بل له القدر المتيقن وهو الأقل على تقدير الذكورة والأنوثة ، وقيل : بيان أن العصبة يرث صغيرا كان أو كبيرا بخلاف عادة الجاهلية ، فإنهم كانوا لا يعطون الميراث إلا من بلغ حد الرجولية . وقيل : ذكر لنفي المجاز إذ المرأة القوية قد تسمى رجلا قال الطيبي - رحمه الله - : قد أوقع الموصوف مع الصفة موقع العصبة كأنه قيل فما بقي فهو لأقرب عصبة ، وسموا عصبة لأنهم يعصبونه ويتعصب به أي : يحيطون به ويشتد بهم والعصبة أقارب من جهة الأب ، قال النووي - رحمه الله - : قد أجمعوا على أن ما بقي بعد الفرائض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب ، وجملة عصبات النسب الابن والأب ومن يدلي بهما ويقدم منهم الأبناء ثم بنوهم وإن سفلوا ثم الجد ثم الإخوة لأبوين أو لأب وهم في درجة . في شرح السنة : فيه دليل على أن بعض الورثة يحجب البعض والحجب نوعان حجب نقصان وحجب حرمان ( متفق عليه ) ورواه أحمد والترمذي .




الخدمات العلمية