الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3061 - وعن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها . فقال لها : ما لك في كتاب الله شيء وما لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء فارجعي حتى أسأل الناس ، فسأل فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس . فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقال محمد بن مسلمة مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر تسأله ميراثها . قال : هو ذلك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها . رواه مالك ، وأحمد ، والترمذي ، وأبو داود ، والدارمي ، وابن ماجه .

التالي السابق


3061 - ( عن قبيصة ) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالصاد المهملة ( ابن ذؤيب ) بضم الذال المعجمة وفتح الهمزة ويجوز إبداله واوا تصغير الذئب . قال المؤلف : خزاعي ولد في أول سنة من الهجرة وقال إنه أتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له فكان ذا علم وفقه ، وكان يعد فقهاء المدينة أربعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبد الملك بن مروان وقبيصة بن ذؤيب - رضي الله عنهم أجمعين - هذا قول ابن عبد البر في كتابه جعله من الصحابة ، وغيره لم يثبته في الصحابة بل جعله في الطبقة الثانية من التابعين الشاميين ( قال : جاءت الجدة ) أي : أم الأم كما في رواية ( إلى أبي بكر - رضي الله عنه - تسأله ميراثها ) وفي رواية : أعطني ميراث ولد ابنتي ( فقال لها : ما لك في كتاب الله ) أي : في كلامه ( شيء وما لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : في حديثه ( شيء ) أي : فيما أعلم ( فارجعي حتى أسأل الناس ) أي : العلماء من الصحابة ( عن ذلك ) فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ ( فسأل ) أي : الناس ، وفي رواية : فقال : اصبري حتى أشاور أصحابي فإني لم أجد لك في كتاب الله نصا ولم أسمع فيك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ، ثم سألهم ( فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس . فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : هل معك غيرك ؟ ) أي : احتياطيا ( فقال محمد بن مسلمة ) بفتح فسكون ( مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها ) أي : فأنفذ الحكم بالسدس للجدة وأعطاه إياها ( أبو بكر - رضي الله عنه - ثم جاءت الجدة الأخرى ) أي : لهذا الميت إما من جهة الأب إذا كانت الأولى من الأم وبالعكس كذا قاله الطيبي - رحمه الله - وفي رواية السيد الشريف : ثم جاءت أم الأب ( إلى عمر - رضي الله عنه - تسأله ميراثها فقال : هو ذلك ) بكسر الكاف وفي نسخة بالفتح على خطاب العام ( السدس ) صفة ذلك أو عطف بيان له أي : ميراثك ذلك السدس بعينه تقسمانه بينكما ( فإن اجتمعتما ) وهذا تصريح بما علم ضمنا وتوضيح لمنطوق ما فهم مفهوما والخطاب للجدة من طرف الأب والجدة من طرف الأم ( فهو بينكما وأيتكما خلت به ) أي : انفردت بالسدس ( فهو لها ) وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ، قال الطيبي - رحمه الله - فإن اجتمعتما إلخ ، بيان للمسألة ، والخطاب في فإن اجتمعتما وأيتكما للجنس لا يختص بهاتين الجدتين ، فالصديق إنما حكم بالسدس لها لأنه ما وقف على الشركة ، والفاروق لما وقف على الاجتماع حكم بالاشتراك ، والله تعالى أعلم ( رواه مالك وأحمد والترمذي وأبو داود والدارمي وابن ماجه ) وفي رواية أخرى : أن أم الأب جاءت إلى عمر - رضي الله عنه - وقالت : أنا أولى بالميراث من أم الأم إذ لو ماتت لم يرثها ولد ولدها ، ولو مت ورثني ولد ولدي . فقال : هو ذلك السدس إلخ ، وقوله " ولد ولدها " أي : ابنتها بالفرضية والتعصيب ، فقد أجمع الشيخان على أن الجدات الصحيحات المتحاذيات يتشاركن في السدس بالسوية . وذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أن الجدة أم الأم تقوم مقام الأم مع عدمها فتأخذ الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا إخوة ، والسدس إذا كان له أحدهما .




الخدمات العلمية