الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3535 - وعن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة " . متفق عليه .

التالي السابق




3535 - ( وعن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيخرج قوم في آخر الزمان ) تأكيد في معنى الاستقبال المفاد بالسين ( حداث الأسنان ) بضم الحاء وتشديد الدال المهملتين جمع حديث على غير قياس وفي النهاية : حداثة السن كناية عن الشباب وأول العمر قال ابن الملك : وفي رواية : حدثاء الأسنان . جمع حديث هو نقيض القديم كما يجمع صغير على صغراء ( سفهاء الأحلام ) أي ضعفاء العقول والسفه في الأصل الخفة والطيش وسفه فلان رأيه إذا كان مضطربا لا استقامة فيه ، والأحلام العقول واحدها حلم بالكسر ( يقولون من خير قول البرية ) بالهمزة وبالتشديد وهو أكثر بمعنى الخليقة أي ينقلون من خير ما يتكلم به الخلائق ويدعون التخلص من العلائق والعوائق واعلم أن متن المشكاة : من خير قول البرية . بتقدم الخير على القول ، وفي المصابيح : من قول خير البرية . قال الأشرف : المراد بخير البرية النبي صلى الله عليه وسلم . وقال المظهر : أراد بخير قول البرية القرآن . قال الطيبي : وهذا الوجه أولى ; لأن يقولون بمعنى يحدثون أو يأخذون أي يأخذون من خير ما تتكلم به البرية ، وينصره ما روي في شرح السنة : وكان ابن عمر يروي : الخوارج شرار خلق الله . وقال : إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين . وما ورد في حديث أبي سعيد : يدعون إلى كتاب الله وليسوا منا في شيء . ( لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ) أي حلوقهم في النهاية : الحنجرة رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق والجمع الحناجر ، وقال ابن الملك : جمع حنجرة وهي الحلقوم أي لا يتعدى منها إلى الخارج ( يمرقون من الدين ) أي يخرجون من طاعة الإمام ( كما يمرق السهم من الرمية ) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتية أي الدابة المرمية التي لم يتعلق به شيء منها ، في الفائق : المروق الخروج ومنه المرق وهو الماء الذي يستخرج من اللحم عند الطبخ للائتدام به قال المظهر : أراد بالدين الطاعة أي أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة وينسلخون منها قال الطيبي : الرمية فعيلة بمعنى مفعول والتاء فيه لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية ، وفي النهاية : الرمية الصيد الذي ترميه وتقصده يريد أن دخولهم في الدين وخروجهم منه ولم يتمسكوا منه بشيء كالسهم الذي دخل في الرمية ثم يقدها ويخرج منها ولم يعلق به بها شيء ( فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا ) أي عظيما ( لمن قتلهم يوم القيامة ) ظرف لأجرا أو منصوب بنزع الخافض أي إلى يوم القيامة وهذا نعت الخوارج الذي لا يدينون للأئمة ويتعرضون للناس بالسيف وأول ظهورهم كان في زمن علي كرم الله وجهه حتى قتل كثيرا منهم قال الخطابي : أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين ، وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم ، وسئل علي رضي الله عنه فقيل أكفار هم ؟ قال : من الكفر فروا ، فقيل : أمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلا ، قيل : من هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية