الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3980 - وعن سليم بن عامر قال كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى العهد أغار عليهم فجاء رجل على فرس ، أو برذون وهو يقول الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر فنظروا فإذا هو عمرو بن عبسة فسأله معاوية عن ذلك فقال سمعت رسول الله يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهدا ولا يشدنه حتى يمضي أمده ، أو ينبذ إليهم على سواء قال فرجع معاوية بالناس . رواه الترمذي وأبو داود .

التالي السابق


3980 - ( وعن سليم رضي الله عنه ) بالتصغير ( بن عامر ) تابعي ( قال كان بين معاوية وبين الروم عهد ) ; أي إلى وقت معهود ( وكان يسير نحو بلادهم ) ; أي يذهب معاوية قبل انقضاء العهد ليقرب من بلادهم حين انقضاء العهد ( حتى إذا انقضى العهد ) ; أي زمانه ( أغار عليهم ) وفي رواية غزاهم ( وفي رواية فجاء رجل على فرس ، أو برذون ) بكسر الموحدة وفتح الذال المعجمة قال الطيبي : المراد بالفرس هنا العربي ، بالبرذون التركي من الخيل ( وهو ) ; أي الرجل ( يقول الله أكبر ) تعجبا واستبعادا ( الله أكبر ) تأكيدا ( وفاء لا غدر ) بالرفع على أن لا للعطف ; أي الواجب عليك وفاء لا غدر وفي نسخة بالفتح على أن لا لنفي الجنس فيكون خبرا معناه النهي كقوله تعالى لا ريب فيه قال الطيبي : فيه اختصار حذف لضيق المقام ; أي ليكن منكم وفاء لا غدر يعني بعيد من أهل الله وأمة محمد ارتكاب الغدر وللاستبعاد صدر الجملة بقوله : الله أكبر وكرره ( فنظروا ) ; أي فرأى الناس في مكان مجيء الرجل ( فإذا هو ) ; أي الرجل ( عمرو بن عبسة ) بفتح العين المهملة والباء الموحدة والسين المهملة كنيته أبو نجيح بفتح النون وكسر الجيم وبالحاء سلمي أسلم قديما في أول الإسلام قيل كان رابع أربعة في الإسلام عداده في الشاميين روى عنه جماعة ذكره المؤلف في شرح السنة وإنما كره عمرو بن عبسة ذلك ; لأنه إذا هادنهم إلى مدة وهو مقيم في وطنه فقد صارت مدة مسيره بعد انقضاء المدة المضروبة كالمشروط مع المدة في أن يغزوهم فيها فإذا سار إليهم في أيام الهدنة كان إيقاعه قبل الوقت الذي يتوقعونه فعد ذلك عمرو غدرا وأما إن نقض أهل الهدنة بأن ظهرت منهم خيانة فله أن يسير إليهم على غفلة منهم ( فسأل معاوية عن ذلك ) ; أي عن دليل ما ذكره ( فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهدا ) ; أي عقد عهد ( ولا يشدنه ) أراد به المبالغة عن عدم التغير وإلا فلا مانع من الزيادة في العهد والتأكيد ، والمعنى لا يغيرن عهدا ولا ينقضه بوجه وفي رواية فيشده ولا يحله ، قال الطيبي : هكذا جملته عبارة عن عدم التغيير في العد فلا يذهب على اعتبار معاني مفرداتها ، وقال ابن الملك ; أي لا يجوز نقض العهد ولا الزيادة على تلك المدة ، وفيه نص والحاصل أنه يترك المعاهد العهد من غير نقض ( حتى يمضي أمده ) بفتحتين أي تنقضي غايته ( أو ينبذ ) بكسر الباء ; أي يرمي عهدهم ( إليهم ) ، بأن يخبرهم بأنه نقض العهد على تقدير خوف الخيانة منهم ( على سواء ) ; أي ليكون خصمه مساويا معه في النقض كي لا يكون ذلك منه غدرا لقوله تعالى وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء قال الطيبي : قوله على سواء حال قال المظهر ; أي يعلمهم أنه يريد أن يغزوهم وأن الصلح قد ارتفع فيكون الفريقان في علم ذلك سواء ( قال ) ; أي سليم ( فرجع معاوية بالناس ) الباء للتعدية فإن " رجع " لازم ومتعد قال تعالى : فإن رجعك الله ; أي فذهب بهم ، والأظهر أن الباء للمصاحبة ; أي فرجع معهم ( رواه الترمذي وأبو داود قال ابن الهمام : وصححه الترمذي ورواه أحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وغيرهم .




الخدمات العلمية