الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4270 - وعن جابر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار ، ومعه صاحب له ، فسلم فرد الرجل وهو يحول الماء في حائط ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " إن كان عندك ماء بات في شنة وإلا كرعنا ؟ " فقال : عندي ماء بات في شن ، فانطلق إلى العريش فسكب في قدح ماء ، ثم حلب عليه من داجن ، فشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أعاد فشرب الرجل الذي جاء معه . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


4270 - ( وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار ) : قيل : هو أبو الهيثم المذكور سابقا ( ومعه ) : أي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ( صاحب له ) ، وهو أبو بكر - رضي الله تعالى عنه ، واقتصر عليه لأنه المخصوص بأنه صاحبه على ما يشير إليه قوله تعالى : إذ يقول لصاحبه ، ( فسلم ) : أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( فرد الرجل ) : أي جوابه ( وهو يحول الماء ) : بتشديد الواو أي ينقله من عمق البئر إلى ظاهرها ، قاله التوربشتي : أو يجري الماء من جانب إلى آخر ، قاله المظهر . ( في حائط ) : أي بستان له ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : ( إن كان عندك ماء بات في شنة ) : بفتح الشين المعجمة والنون المشددة أي قربة عتيقة ، وهي أشد تبريدا للماء من الجديد على ما في النهاية ، وجواب الشرط مقدر أي فأعطنا ( وإلا ) : إن فيه شرطية أدغمت في " لا " النافية ، فحذفت خطا كما حذفت لفظا أي وإن لا تعطناه ( كرعنا ) بفتح الراء أي شربنا من الكرع ، وهو موضع يجتمع فيه ماء السماء ، أو من الجدول وهو النهر الصغير ، أو تناولنا من النهر بلا كف ولا إناء قيل : الكرع تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف ، كشرب البهائم لإدخالها إكراعها في الماء وشربها بفمها .

قال السيوطي : ورد النهي عن الكرع في حديث ابن ماجه ، وهو للتنزيه ، فما هنا لبيان الجواز ، أو ذاك محمول على ما إذا انبطح الشارب على بطنه ، ( فقال ) : أي الأنصاري ( عندي ماء بات في شن ) : هو بمعنى شنة ( فانطلق إلى العريش ) : وهو السقف في البستان بالأغصان ، وأكثر ما يكون في الكروم يستظل به ، ذكره الطيبي وغيره ، وأصله من " عرش " أي بنى ، كذا قال بعضهم ، ويمكن أن يكون العريش بمعنى المعروش وهو المرفوع ، ومنه قوله تعالى : معروشات وغير معروشات ، ( فسكب ) : أي فصب الأنصاري ( في قدح ماء ) : أي بعض ماء ( ثم حلب عليه ) : أي على الماء لبنا ( من داجن ) : أي شاة تعلف في المنزل ولا تخرج إلى الرعي ، وقيل : هي التي ألفت البيوت واستأنست ، من دجن بالمكان إذا أقام به ، ( فشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أعاد ) : أي الأنصاري الماء مع اللبن ( فشرب الرجل الذي جاء معه ) : أي من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية