الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

4859 - عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إذا مدح الفاسق غضب الرب تعالى ، واهتز له العرش " رواه البيهقي في شعب الإيمان " .

التالي السابق


الفصل الثالث

4859 - ( عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إذا مدح الفاسق ) : بأن قال له يا سيد مثلا ( غضب الرب تعالى ) أي : على المادح ( واهتز له ) أي : لأجل مدحه ، وفي رواية لذلك ( العرش ) أي : وكاد أن يتحرك ويندك من هيبة أثر عظمة سخطه سبحانه ، ونظيره قوله تعالى : تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ، وقال الطيبي : اهتزاز العرش عبارة عن وقوع أمر عظيم وداهية دهياء ; لأن فيه رضا بما فيه سخط الله وغضبه ، بل يقرب أن يكون كفرا ; لأنه يكاد أن يفضي إلى استحلال ما حرمه الله تعالى ، وهذا هو الداء العضال لأكثر العلماء والشعراء والقراء المرائين في زماننا هذا ، وإذا كان هذا حكم من مدح الفاسق ، فكيف بمن مدح الظالم وركن إليه ركونا ، وقد قال تعالى : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، الكشاف : النهي متناول للانحطاط في هواهم ، والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم ، والرضا بأعمالهم ، والتشبه بهم ، والتزيي بزيهم ، ومد العين إلى زمرتهم ، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم .

[ ص: 3050 ] ولما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين : عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن ، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك ويرحمك ، أصبحت شيخا كبيرا ، وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك من كتابه وعلمك من سنة نبيه ، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء قال الله تعالى : لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، واعلم أن أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم ، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يود حقا ، و لم يترك باطلا حين أدناك ، اتخذوك قطبا يدور عليك رحى باطلهم ، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم وسلما يصعدون فيك إلى ضلالهم ، يدخلون الشك بك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهلاء ، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما أخربوا عليك . وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك ، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ، فإنك تعامل من لا يجهل ، ويحفظ عليك من لا يغفل ، فداو دينك فقد دخله السقم ، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد ، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء والسلام . ( رواه البيهقي في شعب الإيمان ) : وكذا رواه أبو يعلى الموصلي ، وابن أبي الدنيا في الصمت ، وإسناده ضعيف ذكره ميرك ، وكذا رواه ابن عدي عن بريدة .




الخدمات العلمية