فصل : فأما فهو الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر . وقت النية
والثاني : لقوله صلى الله عليه وسلم فلو نوى مع طلوع الفجر لم يجزه ؛ لخلو جزء من النهار عن النية ، فإن قيل : فلم أجزتم لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل ومنعتم من تقديمها في سائر العبادات ؟ قلنا : لأمرين : تقديم النية في الصوم
أحدهما : أن الصوم يدخل عليه بمرور الزمان فشق عليه مراعاة النية في ابتدائه ، وسائر العبادات يدخل فيها بفعله ، فلم تلحقه المشقة في مراعاة أولها .
والثاني : أن ابتداء الصوم طلوع الفجر وطلوعه يخفى على كثير من الناس مع كونهم نياما ، فلو كلفوا مراعاته لشق عليهم ، فإذا ثبت أن جميع الليل محل للنية ، فلا فرق بين أوله وآخره ، وقال بعض أصحابنا إن نوى في النصف الأخير صح صومه ، وإن نوى في النصف الأول لم يصح ، قال : لأن النصف الأخير من توابع النهار المستقبل والنصف الأول من توابع النهار الماضي ، ألا ترى أن أذان الصبح ورمي الجمار يصح فعلهما في النصف الأخير ، ولا يصح في النصف الأول ، وهذا الذي قاله غلط كما ذكرنا من عموم الخبر ، ولما في مراعاة نصف الليل من المشقة ، فأما فهو على نيته ، وقال إذا نوى الصوم ثم أكل أو جامع أبو إسحاق : عليه تجديد النية بعد الأكل والجماع ، وكذلك لو نام ثم استيقظ قبل الفجر ، لزمه تجديد النية ، قال ؛ لأنه بالأكل والجماع قد خالف نيته ، وما عقده من الصوم على نفسه ، وهذا الذي قاله أبو إسحاق : غلط مذهبا وحجاجا ، أما المذهب : فلأن الشافعي قال : ولو طلع الفجر عليه وهو مجامع أخرج مكانه ، وصح صومه فلو لزمه تجديد النية لبطل صومه ؛ لأن نيته بعد الإخراج تصادف أقل النهار ، وأما الحجاج فعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ولأنه مفطر في الليل وإن لم يأكل ، فتركه الأكل والجماع مع كونه مفطرا غير مفيد . لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل