مسألة : قال الشافعي : " وإذا صار مال الفيء إلى الوالي ، ثم أعطيه ورثته ، فإن مات قبل أن يصير إليه مال ذلك العام لم يعطه ورثته " . مات ميت قبل أن يأخذ عطاءه
قال الماوردي : وهذا كما قال . قد ذكرنا أن استحقاق العطاء يكون بحصول مال الفيء ، وأداؤه يجب بحلول وقت العطاء . وقال الإسفراييني : استحقاقه وأداؤه يكونان معا بحلول وقت العطاء ولا اعتبار بحصول المال في الاستحقاق والأداء . وهذا مع كونه مخالفا لنص الشافعي خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه ما لم يجب على مؤديه لم يجب بمستوفيه ، وقد يجوز أن يحل وقت العطاء قبل استحقاق مال الفيء على أهله .
والثاني : أن العطاء يتعلق استحقاقه بعين لا بذمة ، وفي اعتبار وجوبه بالوقت دون المال نقل له من العين إلى الذمة ، فبطل تقدير ما اعتبره .
وإذا كان حصول المال معتبرا فمذهب الشافعي أن حصوله هو قبضه من أهله ، ومن أصحابنا من قال : حصوله هو حلول وجوبه على أهله .
وهذا خطأ : لأنه قد يحل وجوبه ولا يحصل بموت وإعسار ، فإذا ثبت ما ذكرنا ، لم يخل من أربعة أقسام : حال من مات من أهل الفيء
أحدها : أن يكون موته قبل حصول المال وقبل حلول وقت العطاء فعلى مذهب الشافعي لا يكون حقه فيه ثابتا .
والقسم الثاني : أن يكون موته بعد حصول المال وبعد حلول وقت العطاء ، فحقه فيه ثابت وهو لورثته من بعده لئلا يختلفوا .
القسم الثالث : أن يكون موته بعد حصول المال وقبل حلول وقت العطاء ؛ فعلى مذهب الشافعي يكون حقه ثابتا فيه ينتقل عنه إلى ورثته ، وعلى قول أبي حامد الإسفراييني لا حق له فيه .
والقسم الرابع : أن يكون موته بعد حلول وقت العطاء وقبل حصول المال ، فعلى مذهب الشافعي لا حق له فيه ، وعلى قول أبي حامد يكون حقه فيه ثابتا يورث عنه .