الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
والمبتدأة تجلس يوما وليلة ، ثم تغتسل وتصلي ، فإن انقطع دمها لأكثر فما دون ، اغتسلت عند انقطاعه وتفعل ذلك ثلاثا ، فإن كان في الثلاث على قدر واحد ، صار عادة ، وانتقلت إليه ، وأعادت ما صامته من الفرض فيه ، وعنه : أنه يصير عادة مرتين ،
( nindex.php?page=treesubj&link=640والمبتدأة ) هي التي رأت دم الحيض ، ولم تكن حاضت في زمن يمكن أن يكون حيضا ، وظاهره لا فرق بين الأسود والأحمر ، وهو الأصح ، وقال ابن حامد ، وابن عقيل : لا تلتفت أول مرة إلا إلى الأسود ، قدمه في " الرعاية " فإن كان صفرة أو كدرة ، فظاهره أنها تجلس ، صرح به في " المغني " و " الشرح " وظاهر كلام الإمام خلافه ( تجلس ) أي : تدع برؤيته - نقله الجماعة - الصلاة ، والصيام ، ونحوهما ، لأن دم الحيض جبلة وعادة ، ودم الاستحاضة لعارض من مرض ، ونحوه ، والأصل عدمه ( يوما وليلة ) نص عليه في رواية ابنيه ، والمروذي ، لأن العبادة ، واجبة في ذمتها بيقين ، وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا نسقطها بالشك ، ولو لم نجلسها الأقل ، لأدى إلى عدم جلوسها أصلا ، وظاهره : أنه إذا كان أقل من يوم وليلة ، لا يلتفت [ ص: 273 ] إليه ، لأنه دم فساد إلا إذا قلنا : أقله يوم ، قال القاضي ، وابن عقيل : إن المبتدأة لا تجلس فوق الأقل بلا خلاف ، وإنما موضع ذلك إذا اتصل الدم ، وحصلت مستحاضة في الشهر الرابع ( ثم تغتسل ) لأنه آخر حيضها حكما ، أشبه آخره حسا ( وتصلي ) لأن المانع منها هو الحيض ، وقد حكم بانقطاعه ، وعدم الغسل ، وقد وجد حقيقة . ولا يحل وطؤها حتى ينقطع أو يجاوز أكثر الحيض ، لأن الظاهر أنه حيض ، وإنما أمرناها بالعبادة احتياطا لبراءة ذمتها ، فتعين ترك وطئها احتياطا ، وعنه : يكره ، وقيل : يباح مع خوف العنت ، فإن انقطع واغتسلت أبيح ، لأنها رأت النقاء الخالص ، وعنه : يكره لاحتمال عوده كالنفساء ، وعنه : إن أمن العنت ، وإن عاد بعد الانقطاع حرم الوطء إلى أكثر الحيض .
( فإن nindex.php?page=treesubj&link=640انقطع دمها لأكثر فما دون ) هو بضم النون لقطعه عن الإضافة ( اغتسلت عند انقطاعه ) لاحتمال أن يكون آخر حيضها ، فلا تكون طاهرة بيقين إلا بالغسل ( وتفعل ذلك ) أي : مثل جلوسها يوما وليلة ، وغسلها عند آخرهما ، وعند الانقطاع ( ثلاثا ) لأن العادة لا تثبت إلا بها في المشهور من المذهب ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338481دعي الصلاة أيام أقرائك هي صيغة جمع ، وأقله ثلاث ، ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث ، كالأقراء في عدة الحرة والشهور ، وخيار المصراة ، ومهلة المرتد ، فعلى هذا تجلس في الشهر الرابع ، وقال القاضي : في الثالث .
( فإن كان في ) الأشهر ( الثلاث على قدر ) أي : لمقدار ( واحد صار عادة ) [ ص: 274 ] لما ذكرناه ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=640تكرر مختلفا كخمسة من الأول ، وسبعة في الثاني ، وعشرة في الثالث ، فالمتكرر حيض دون غيره ( وانتقلت إليه ) أي : لزمها جلوسه ( وأعادت ما صامته من الفرض فيه ) لأنا تبينا فعله في زمن الحيض ، وكذا حكم غيره من اعتكاف واجب وطواف ، لكن إن ارتفع حيضها ولم يعد ، أو أيست قبل التكرار لم تقض ( وعنه : أنه ) أي : الدم ( يصير عادة ) بتكرره ( مرتين ) لأن العادة مأخوذة من المعاودة ، وقد عاودها في المرة الثانية فتجلس في الشهر الثالث . وقال القاضي : بل في الثاني ، واختاره الشيخ تقي الدين ، فإن كلام أحمد يقتضيه ، وعلم منه أن العادة لا تثبت بمرة ، قال في " المغني " وغيره : لا يختلف المذهب فيه .