الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( إلا في رد الآبق ) . هذا الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . ونص عليه . وعنه : لا شيء لراده من غير جعالة . اختاره المصنف ، وقال : هو ظاهر كلام الخرقي . ونازع الزركشي المصنف في كون هذا رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، أو أنه ظاهر كلام الخرقي . قوله ( فإن له بالشرع دينارا ، أو اثني عشر درهما ) . هذا المذهب . قال في الرعاية ، وشرح الحارثي ، وغيرهما : وسواء كان يساويهما أو لا ، وسواء كان زوجا أو ذا رحم ، في عيال المالك أو لا . قاله الحارثي . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . وعنه : إن رده من خارج المصر : فله أربعون درهما ، قربت المسافة أو بعدت قال المصنف ، وتبعه الشارح ، والفائق : اختاره الخلال . وعنه : من المصر : عشرة . قال الخلال : استقرت عليه الرواية . [ ص: 395 ] قال القاضي : هذه رواية واحدة . وجزم به ابن البنا في خصاله ، وصاحب عيون المسائل ، وقال : الرواية الصحيحة من خارج المصر : دينار أو عشرة دراهم .

قال في الفائق : ولو رد الآبق : فله بغير شرط عشرة دراهم . وعنه : اثني عشر . وعنه : أربعون درهما من خارج المصر . قال الزركشي : في المغني إذا رده من المصر دينار ، أو عشرة دراهم . وفي الكافي دينار ، أو اثني عشر درهما . وفي رواية أخرى : دينار . وفي خلافي الشريف ، وأبي الخطاب ، والجامع الصغير : دينار أو اثني عشر درهما في رواية . وفي أخرى : عشرة دراهم . انتهى . وتقدم كلام القاضي ، وابن البنا ، والحلواني . وقال الحارثي : إذا رده من داخل المصر : فله عشرة دراهم قولا واحدا نص عليه في رواية حرب ، وقال : لا أعلم نصا بخلافه . وفي كتاب الروايتين للقاضي : لا تختلف الرواية : أنه إذا جاء به من المصر أن له عشرة دراهم . وقاله ابن أبي موسى في الإرشاد . ونقله أبو بكر في زاد المسافر ، والتنبيه . وقاله القاضي أيضا في المجرد ، وابن عقيل في الفصول . ولم يوردوا سواه . قال : فأما في المقنع ، والهداية ، والمستوعب ، والفروع لأبي الحسين ، والأعلام لابن بكروس ، والمحرر ، وغيرهم : من التقدير بالدينار أو اثني عشر . وفي داخل المصر : كما في خارجه ، فلا يثبت .

وأصل ذلك كله : قول القاضي في الجامع الصغير " من رد آبقا : استحق دينارا ، أو اثني عشر درهما . سواء جاء به من المصر أو خارج المصر في إحدى . [ ص: 396 ] الروايتين . والأخرى : إن جاء به من المصر : استحق عشرة دراهم . وإن جاء به من خارج المصر : استحق أربعين درهما " . فمنهم : من حكى ذلك كله . ومنهم : من اختص العشرة في المصر ، بناء على أنها معنى الدينار ، وأن الدينار قد يقوم بالعشرة والاثني عشر . فيكون داخلا في الرواية الأولى . قال : وهذا الذي قاله القاضي من استحقاق الدينار ، أو الاثني عشر في المصر : لا أصل له في كلام الإمام أحمد رحمه الله ألبتة . ولا دليل عليه . انتهى كلام الحارثي . قلت : وفيه نظر . لأن ناقل هذه الرواية هو القاضي . وهو الثقة الأمين في النقل بل هو ناقل غالب روايات المذهب . ولا يلزم من عدم اطلاع الحارثي على هذه الرواية أن لا تكون نقلت عن الإمام أحمد ، خصوصا وأنه قد تابعه هؤلاء الأعلام المحققون .

تنبيه : دخل في عموم كلام المصنف : لو رده الإمام . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . ونقل حرب : إن رده الإمام ، فلا شيء له . وجزم به ابن رجب في قواعده وقال : وذلك لانتصابه للمصالح . وله حق في بيت المال على ذلك . كذا قال الحارثي . وقطع به . وتقدم نظيرها في عامل الزكاة . قوله ( ويأخذ منه ما أنفق عليه في قوته ) . هذا المذهب . نص عليه ، وسواء قلنا : باستحقاق الجعل أم لا . جزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وقال ابن رجب في قواعده : وجزم به الأكثرون من غير خلاف . قال الزركشي : هذا المشهور . وخرج المصنف قولا : بأنه لا يرجع . [ ص: 397 ] وقيل : لا يرجع إلا إذا أنفق بنية الرجوع . واختاره في الرعاية . واشترط أبو الخطاب ، والمجد في المحرر : العجز عن استئذان المالك . وضعفه المصنف رحمه الله . ولا يتوقف الرجوع على تسليمه ، بل لو أبق قبل ذلك : فله الرجوع بما أنفق عليه . نص عليه في رواية عبد الله . وصرح به الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية