الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء

                                                                                                          753 حدثنا هارون بن إسحق الهمداني حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه فلما افترض رمضان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه وفي الباب عن ابن مسعود وقيس بن سعد وجابر بن سمرة وابن عمر ومعاوية قال أبو عيسى والعمل عند أهل العلم على حديث عائشة وهو حديث صحيح لا يرون صيام يوم عاشوراء واجبا إلا من رغب في صيامه لما ذكر فيه من الفضل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( كان عاشوراء يوما تصومه قريش ) هكذا في غالب النسخ والظاهر يوما بالنصب واعتباره منصوبا مضافا إلى الجملة بعده كما في يوم ينفع الصادقين يبعده اشتمال " تصومه " على ضمير عائد إليه ، فإن اشتمال الجملة المضاف إليها على ضمير المضاف غير متعارف في العربية ، بل قد منعه بعضهم ، فالظاهر أن الجملة التي بعده صفة له واعتبار اليوم اسم كان على أن عاشوراء خبر كان بعيد من حيث المعنى ومن حيث علم الإعراب ؛ لأن عاشوراء معرفة ويوم نكرة ، فالوجه أن يقال إن كان فيه ضمير الشأن ، وعاشوراء مبتدأ خبره يوما ، كذا في شرح الترمذي لأبي الطيب .

                                                                                                          ( فلما افترض رمضان كان رمضان هو الفريضة ) ظاهر هذا الحديث أن [ ص: 381 ] صوم عاشوراء كان فرضا ثم نسخ وجوبه بوجوب صوم رمضان . قال الحافظ في الفتح : يؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبا لثبوت الأمر بصومه ، ثم تأكد الأمر بذلك ، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام ، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك ، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال ، وبقول ابن مسعود الثابت في مسلم : لما فرض رمضان ترك عاشوراء ، مع العلم بأنه ما ترك استحبابه ، بل هو باق ، فدل على أن المتروك وجوبه . وأما قول بعضهم المتروك تأكد استحبابه والباقي مطلق استحبابه ، فلا يخفى ضعفه ، بل تأكد استحبابه باق ولا سيما مع استمرار الاهتمام به حتى في عام وفاته -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول : " لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر " ؛ ولترغيبه في صومه ، " وأنه يكفر سنة ، وأي تأكيد أبلغ من هذا ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود وقيس بن سعد وجابر بن سمرة وابن عمر ومعاوية ) أما حديث ابن مسعود فمتفق عليه ، وأما حديث قيس بن سعد فأخرجه ابن أبي شيبة ، وأما حديث جابر بن سمرة فأخرجه مسلم ، وأما حديث ابن عمر ومعاوية وهو ابن أبي سفيان فمتفق عليهما .

                                                                                                          قوله : ( وهو حديث صحيح ) وأخرجه البخاري والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية