الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دهن ]

                                                          دهن : الدهن : معروف . دهن رأسه وغيره يدهنه دهنا : بله ، والاسم الدهن ، والجمع أدهان ودهان . وفي حديث سمرة : فيخرجون منه كأنما دهنوا بالدهان ; ومنه حديث قتادة بن ملحان : كنت إذا رأيته كأن على وجهه الدهان . والدهنة : الطائفة من الدهن ; أنشد ثعلب :


                                                          فما ريح ريحان بمسك بعنبر برند بكافور بدهنة بان     بأطيب من ريا حبيبي لو أنني
                                                          وجدت حبيبي خاليا بمكان



                                                          وقد ادهن بالدهن . ويقال : دهنته بالدهان أدهنه وتدهن هو وادهن أيضا ، على افتعل ، إذا تطلى بالدهن . التهذيب : الدهن الاسم ، والدهن الفعل المجاوز ، والادهان الفعل اللازم ، والدهان : الذي يبيع الدهن . وفي حديث هرقل : وإلى جانبه صورة تشبهه إلا أنه مدهان الرأس أي دهين الشعر كالمصفار والمحمار . والمدهن ، بالضم لا غير : آلة الدهن ، وهو أحد ما شذ من هذا الضرب على مفعل مما يستعمل من الأدوات ، والجمع مداهن . الليث : المدهن كان في الأصل مدهنا ، فلما كثر في الكلام ضموه . قال الفراء : ما كان على مفعل ومفعلة مما يعتمل به فهو مكسور الميم نحو مخرز ومقطع ومسل ومخدة ، إلا أحرفا جاءت نوادر بضم الميم والعين وهي : مدهن ومسعط ومنخل ومكحل ومنضل ، والقياس مدهن ومنخل ومسعط ومكحل . وتمدهن الرجل إذا أخذ مدهنا . ولحية دهين : مدهونة . والدهن والدهن من المطر : قدر ما يبل وجه الأرض ، والجمع دهان . ودهن المطر الأرض : بلها بلا يسيرا . الليث : الأدهان الأمطار اللينة ، واحدها دهن . أبو زيد : الدهان الأمطار الضعيفة ، واحدها دهن ، بالضم . يقال : دهنها وليها ، فهي مدهونة . وقوم مدهنون ، بتشديد الهاء عليهم آثار النعم . الليث : رجل دهين ضعيف . ويقال : أتيت بأمر دهين ; قال ابن عرادة :


                                                          لينتزعوا تراث بني تميم     لقد ظنوا بنا ظنا دهينا



                                                          والدهين من الإبل : الناقة البكيئة القليلة اللبن التي يمرى ضرعها فلا يدر قطرة ، والجمع دهن ; قال الحطيئة يهجو أمه :


                                                          جزاك الله شرا من عجوز     ولقاك العقوق من البنين
                                                          لسانك مبرد لا عيب فيه     ودرك در جاذبة دهين



                                                          وأنشد الأزهري للمثقب :


                                                          تسد ، بمضرحي اللون جثل     خواية فرج مقلات دهين



                                                          وقد دهنت ودهنت تدهن دهانة . وفحل دهين : لا يكاد يلقح أصلا كأن ذلك لقلة مائه ، وإذا ألقح في أول قرعه فهو قبيس . والمدهن : نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء ، وفي المحكم : والمدهن مستنقع الماء ، وقيل : هو كل موضع حفره سيل أو ماء واكف في حجر . ومنه حديث الزهري : نشف المدهن ويبس الجعثن ; هو نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء ويجتمع فيها المطر . أبو عمرو : المداهن نقر في رءوس الجبال يستنقع فيها الماء ، واحدها مدهن ; قال أوس :


                                                          يقلب قيدودا كأن سراتها     صفا مدهن ، قد زلقته الزحالف



                                                          وفي الحديث : كأن وجهه مدهنة ; هي تأنيث المدهن ، شبه وجهه لإشراق السرور عليه بصفاء الماء المجتمع في الحجر ; قال ابن الأثير : والمدهن أيضا والمدهنة ما يجعل فيه الدهن فيكون قد شبهه بصفاء الدهن ، قال : وقد جاء في بعض نسخ مسلم : كأن وجهه مذهبة ، بالذال المعجمة والباء الموحدة ، وقد تقدم ذكره في موضعه . والمداهنة والإدهان : المصانعة واللين ، وقيل : المداهنة إظهار خلاف ما يضمر . والإدهان : الغش . ودهن الرجل إذا نافق . ودهن غلامه إذا ضربه ، ودهنه بالعصا يدهنه دهنا : ضربه بها ، وهذا كما يقال مسحه بالعصا وبالسيف إذا ضربه برفق . الجوهري : والمداهنة والإدهان كالمصانعة . وفي التنزيل العزيز : ودوا لو تدهن فيدهنون . وقال قوم : داهنت بمعنى واريت ، وأدهنت بمعنى غششت . وقال الفراء : معنى قوله - عز وجل : ودوا لو تدهن فيدهنون ; ودوا لو تكفر فيكفرون ، وقال في قوله : أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ; أي مكذبون ، ويقال : كافرون . وقوله : ودوا لو تدهن فيدهنون ، ودوا لو تلين في دينك فيلينون . وقال أبو الهيثم : الإدهان المقاربة في الكلام والتليين في القول ، من ذلك قوله : ودوا لو تدهن فيدهنون ; أي ودوا لو تصانعهم في الدين

                                                          [ ص: 321 ] فيصانعوك . الليث : الإدهان : اللين . والمداهن : المصانع ; قال زهير :


                                                          وفي الحلم إدهان ، وفي العفو دربة     وفي الصدق منجاة من الشر ، فاصدق

                                                          ، وقال أبو بكر الأنباري : أصل الإدهان الإبقاء ; يقال : لا تدهن عليه أي لا تبق عليه . وقال اللحياني : يقال ما أدهنت إلا على نفسك أي ما أبقيت ، بالدال . ويقال : ما أرهيت ذلك أي ما تركته ساكنا ، والإرهاء : الإسكان . وقال بعض أهل اللغة : معنى داهن وأدهن أي أظهر خلاف ما أضمر ، فكأنه بين الكذب على نفسه . والدهان : الجلد الأحمر ، وقيل : الأملس ، وقيل : الطريق الأملس ، وقال الفراء في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان ، قال : شبهها في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه ، قال : ويقال الدهان الأديم الأحمر أي صارت حمراء كالأديم ، من قولهم فرس ورد ، والأنثى وردة ; قال رؤبة يصف شبابه وحمرة لونه فيما مضى من عمره :


                                                          كغصن بان عوده سرعرع     كأن وردا من دهان يمرع
                                                          لوني ولو هبت عقيم تسفع

                                                          أي يكثر دهنه ، يقول : كأن لونه يعلى بالدهن لصفائه ; قال الأعشى :


                                                          وأجرد من فحول الخيل طرف     كأن على شواكله دهانا

                                                          وقال لبيد :


                                                          وكل مدماة كميت ، كأنها     سليم دهان في طراف مطنب

                                                          غيره : الدهان في القرآن الأديم الأحمر الصرف . وقال أبو إسحق في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان ; تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة ، ودليل ذلك قوله - عز وجل : يوم تكون السماء كالمهل ; أي كالزيت الذي قد أغلي ; وقال مسكين الدارمي :


                                                          ومخاصم قاومت في كبد     مثل الدهان ، فكان لي العذر

                                                          يعني أنه قاوم هذا المخاصم في مكان مزل يزلق عنه من قام به ، فثبت هو وزلق خصمه ولم يثبت . والدهان : الطريق الأملس هاهنا ، والعذر في بيت مسكين الدارمي : النجح ، وقيل : الدهان الطويل الأملس . والدهناء : الفلاة . والدهناء : موضع كله رمل ، وقيل : الدهناء موضع من بلاد بني تميم مسيرة ثلاثة أيام لا ماء فيه ، يمد ويقصر ; قال :


                                                          لست على أمك بالدهنا تدل

                                                          ، أنشده ابن الأعرابي ، يضرب للمتسخط على من لا يبالي بتسخطه ; وأنشد غيره :


                                                          ثم مالت لجانب الدهناء

                                                          وقال جرير :


                                                          نار تصعصع بالدهنا قطا جونا

                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          لأكثبة الدهنا جميعا وماليا

                                                          والنسبة إليها دهناوي ، وهي سبعة أجبل في عرضها ، بين كل جبلين شقيقة ، وطولها من حزن ينسوعة إلى رمل يبرين ، وهي قليلة الماء كثيرة الكلإ ليس في بلاد العرب مربع مثلها ، وإذا أخصبت ربعت العرب جمعاء . وفي حديثصفية ودحيبة : إنما هذه الدهنا مقيد الجمل ; هو الموضع المعروف ببلاد تميم . والدهناء ، ممدود : عشبة حمراء لها ورق عراض يدبغ به . والدهن : شجرة سوء كالدفلى ; قال أبو وجزة :


                                                          وحدث الدهن والدفلى خبيركم     وسال تحتكم سيل فما نشفا

                                                          وبنو دهن وبنو داهن : حيان . ودهن : حي من اليمن ينسب إليهم عمار الدهني . والدهناء : بنت مسحل أحد بني مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وهي امرأة العجاج ; وكان قد عنن عنها فقال فيها :


                                                          أظنت الدهنا وظن مسحل     أن الأمير بالقضاء يعجل
                                                          عن كسلاتي ، والحصان يكسل     عن السفاد ، وهو طرف هيكل ؟

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية