قال الشيخ : " وتسمية هذا جوابا ل " أرأيتم " ليس بالمصطلح ، بل هذه الجملة التي قدرها في موضع المفعول الثاني ل " أرأيتم " [لأن أرأيتم] إذا ضمنت معنى أخبرني تعدت إلى مفعولين ، والغالب في الثاني أن يكون جملة استفهامية ينعقد منها ومن المفعول الأول في الأصل جملة ابتدائية كقول العرب : " أرأيتك زيدا ما صنع " وقال : " وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره : أأعدل عما أنا عليه " . وقال الحوفي : " وجواب الشرط الذي في قوله " أن كنت " محذوف تقديره : أضل كما ضللتم أو أترك تبليغ الرسالة ، ونحو هذا مما يليق بهذه المحاجة " . قال الشيخ : " وليس قوله " أضل " جوابا للشرط ؛ لأنه إن كان مثبتا فلا يمكن أن يكون جوابا لأنه لا يترتب على الشرط ، وإن كان استفهاما حذف منه الهمزة [ ص: 375 ] فهو في موضع المفعول الثاني لـ " أرأيتم " ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الجملة السابقة مع متعلقها . ابن عطية
قوله : أن أخالفكم قال : " خالفني فلان إلى كذا : إذا قصده وأنت مول عنه ، وخالفني عنه : إذا ولى عنه وأنت قاصده ، ويلقاك الرجل صادرا عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول : " خالفني إلى الماء " ، يريد أنه ذاهب إليه واردا ، وأنا ذاهب عنه صادرا ، ومنه قوله تعالى : الزمخشري وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه يعني أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستبد بها دونكم " . وهذا الذي ذكره معنى حسن لطيف ولم يتعرض لإعراب مفرداته ، لأن بفهم المعنى يفهم الإعراب ولنذكر ما فيه : أبو القاسم
فأقول : يجوز أن يكون " أن أخالفكم " في موضع مفعول بـ " أريد " ، أي : وما أريد مخالفتكم ، ويكون فاعل بمعنى فعل نحو : جاوزت الشيء وجزته ، أي : وما أريد أن أخالفكم ، أي : أكون خلفا منكم . وقوله : إلى ما أنهاكم يتعلق بـ " أخالفكم " ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال ، أي : مائلا إلى ما أنهاكم عنه ، ولذلك قدر بعضهم محذوفا يتعلق به هذا الجار تقديره : وأميل إلى أن أخالفكم ، ويجوز أن يكون " أن أخالفكم " مفعولا من أجله ، وتتعلق " إلى " بقوله " أريد " بمعنى : وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه ، ولذلك قال : " وما أقصد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه . الزجاج
ويجوز أن يراد بأن أخالفكم معناه من المخالفة ، وتكون في موضع المفعول به بأريد ، ويقدر مائلا إلى .
[ ص: 376 ] قوله : ما استطعت يجوز في " ما " هذه وجوه ، أحدها : أن تكون مصدرية ظرفية أي : مدة استطاعتي . الثاني : أن تكون " ما " موصولة بمعنى الذي بدلا من " الإصلاح " والتقدير : إن أريد إلا المقدار الذي أستطيعه من الصلاح . الثالث : أن يكون على حذف مضاف ، أي : إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت ، وهو أيضا بدل . الرابع : أنها مفعول بها بالمصدر المعرف ، أي : إن أريد إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه كقوله :
2697 - ضعيف النكاية أعداءه يخال الفرار يراخي الأجل
ذكر هذه الأوجه الثلاثة ، إلا أن إعمال المصدر المعرف قليل عند البصريين ، ممنوع إعماله في المفعول به عند الكوفيين . وتقدم الجاران في " عليه " و " إليه " للاختصاص أي : عليه لا على غيره ، وإليه لا إلى غيره . الزمخشري