آ . (53) قوله تعالى : إلا ما رحم : فيه أوجه ، أحدها : أنه مستثنى من الضمير المستكن في " أمارة " كأنه قيل : إن النفس لأمارة بالسوء إلا نفسا رحمها ربي ، فيكون أراد بالنفس الجنس ، فلذلك ساغ الاستثناء منها كقوله تعالى : إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ، وإلى هذا نحا فإنه قال : " إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة كالملائكة " وفيه نظر من حيث إيقاع " ما " على من يعقل والمشهور خلافه . الزمخشري
[ ص: 515 ] والثاني : أن " ما " في معنى الزمان فيكون مستثنى من الزمن العام المقدر . والمعنى : إن النفس لأمارة بالسوء في كل وقت وأوان إلا وقت رحمة ربي إياها بالعصمة . ونظره بقوله تعالى : أبو البقاء ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا . وقد تقدم أن الجمهور لا يجيزون أن تكون " أن " واقعة موقع ظرف الزمان .
والثالث : أنه مستثنى من مفعول " أمارة " ، أي : لأمارة صاحبها بالسوء إلا الذي رحمه الله . وفيه إيقاع " ما " على العاقل .
والرابع : أنه استثناء منقطع . قال : " وهو قول الجمهور " . وقال ابن عطية : " ويجوز أن يكون استثناء منقطعا ، أي : ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة كقوله : الزمخشري ولا هم ينقذون إلا رحمة منا .