الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 553 ] ( فصل )

ويجوز الإحرام بنسك معين من عمرة ، أو حجة ، أو عمرة وحجة ، سواء كانت عمرة تمتع ، أو عمرة مفردة ، ويجوز أن يحرم مطلقا من غير أن ينوي عمرة أو حجة ، ويجوز أن يحرم بمثل ما أحرم به فلان ، وإن لم يعرف ما أحرم به ؛ لما روى أنس بن مالك قال : " قدم علي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن ، فقال : بم أهللت ؟ قال : بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لولا أن معي الهدي لأحللت " متفق عليه ، وفي حديث جابر : " فقدم علي من اليمن - ومعه هدي - فقال : أهللت بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - " وفي لفظ : قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : بم أهللت يا علي ؟ قال : بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فاهد وامكث حراما كما أنت " . وفي لفظ : قال : أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا أن يقيم على إحرامه " متفق عليه . وهذا للبخاري ، ولمسلم : " ما قلت حين [ ص: 554 ] فرضت الحج ؟ قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فإن معي الهدي فلا تحل " ، وكذلك في حديث البراء .

وعن أبي موسى قال : " قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منيخ بالبطحاء - فقال : بم أهللت ؟ قال : أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سقت من هدي ؟ قال : لا ، قال : فطف بالبيت ، وبالصفا والمروة ثم حل " ، وفي لفظ : " فقال : كيف قلت حين أحرمت ؟ قال : قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره " متفق عليه .

ثم إن علم ما أحرم فلان تعين عليه ، وكان حكمه حكم فلان .

فإن علم في أثناء الحج . . .

وإن لم يعلم بأن مات زيد أو . . . ، فقال ابن عقيل : هو كالمطلق في جواز صرفه إلى أحد الأنساك الثلاثة ، وقال القاضي : هو كالمنشئ يصرفه إلى ما شاء . وهذا أصح .

[ ص: 555 ] وإن أحرم مطلقا ، فقال أصحابنا : يخير في صرفه إلى تمتع ، أو إفراد ، أو قران ، والمستحب له صرفه إلى المتعة ، وقد قال أحمد - في رواية مهنا فيمن أحرم ولم ينو حجا ولا عمرة حتى مضت أيام - فقال : يقدم مكة بعمرة ويطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم يحلق ويقصر ، ثم يحرم بالحج .

وحمل القاضي وغيره من أصحابنا هذا على الاختيار والاستحباب ; لأنا نستحب التمتع لمن عين الحج والقران ، فأن نستحبه لمن أبهم الإحرام أولى ، ولأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا قد أحرم بعضهم شبيها بهذا الإحرام ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل كذلك .

فإن كان الإحرام قبل أشهر الحج : انعقد إحرامه بعمرة فيما ذكره أصحابنا ; لأن الإحرام بالحج قبل أشهر مكروه ، وإن أراد أن يصرفه إلى عمرة مفردة جاز أيضا فيما ذكره أصحابنا .

فإن طاف وسعى قبل أن يفرضه في شيء فقال القاضي في " المجرد " - : وا . . . وغيرهما . لا يعتد بذلك الطواف ; لأنه طاف لا في حج ولا في عمرة . وقال : . . . : يتعين طوافه للعمرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية