الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المفقود إذا كان ماله في يد رجل قد كان المفقود داينه أو استودعه إياه أو قارضه به أو أعاره متاعا أو أسكنه في داره وأجره إياها أو ما أشبه هذا أينزع السلطان هذه الأشياء من يد من هي في يده أم لا يعرض لهم السلطان ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما ما كان من إجارة فلا يعرض لها حتى تتم الإجارة ، وأما ما كان من عارية فإن كان لها أجل فلا يعرض لها حتى يتم الأجل وما كان من دار سكنها فلا يعرض لمن هي في يده حتى تتم سكناه ، وما استودعه أو داينه أو قارضه فإن السلطان ينظر في ذلك ويستوثق من مال المفقود ويجمعه له ويجعله حيث يرى لأنه ناظر لكل غائب ويوقفه وكذلك الإجارات والسكنى وغيرها إذا انقضت آجالها صنع فيها السلطان مثل ما وصفت لك ويوقفها ويحرزها على الغائب .

                                                                                                                                                                                      قلت : وإن كان قد قارض رجلا إلى أجل ثم فقد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : القراض لا يصلح فيه [ ص: 35 ] الأجل عند مالك وهذا قراض فاسد لا يحل ، فالسلطان يفسخ هذا القراض ولا يقره ويصنع في ماله كله مثل ما وصفت لك ويوكل رجلا بالقيام في ذلك أو يكون في أهل المفقود رجل يرضاه فيوكله فينظر في ذلك القاضي للغائب ، قلت : ولم قلت في العارية إذا كان لها أجل أن السلطان يدعها إلى أجلها في يد المستعير ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن المفقود نفسه لو كان حاضرا فأراد أن يأخذ عاريته قبل محل الأجل لم يكن له ذلك عند مالك لأنه أمر أوجبه على نفسه فليس له أن يرجع فيه ، فلذلك لا يعرض فيه السلطان لأن المفقود نفسه لم يكن يستطيع رده ولأنه لو مات لم يكن للورثة أن يأخذوها منه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية