الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1685 (باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب بيان أن اسم " الصدقة "، يقع على كل نوع من المعروف) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 99 ج7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا [ ص: 582 ] يتصدق أحد بتمرة، من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو قلوصه، حتى تكون مثل الجبل أو أعظم" .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتصدق أحد بتمرة، من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه) .

                                                                                                                              وفي رواية: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب، (ولا يقبل الله إلا الطيب) إلا أخذها الرحمن بيمينه".

                                                                                                                              والمراد بالطيب هنا: الحلال.

                                                                                                                              وفيه: إثبات اليمين " لله تعالى"، بلا كيف. وهو مذهب السلف.

                                                                                                                              وذهب الخلف إلى التأويل الذي ذكره النووي في هذا المقام، عن المازري وعياض .

                                                                                                                              وليس بصحيح مختار. كما أشرنا إلى ذلك مرارا.

                                                                                                                              (فيربيها كما يربي أحدكم فلوه) .

                                                                                                                              قال أهل اللغة: (الفلو) : المهر. سمي بذلك؛ لأنه فلي عن أمه.

                                                                                                                              أي: فصل وعزل.

                                                                                                                              [ ص: 583 ] (والفصيل) : ولد الناقة، إذا فصل من إرضاع أمه.

                                                                                                                              "فصيل". بمعنى: مفصول، كجريح وقتيل، بمعنى: مجروح ومقتول.

                                                                                                                              وفي (الفلو) لغتان فصيحتان. أفصحهما وأشهرهما: فتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو.

                                                                                                                              والثانية: كسر الفاء، وإسكان اللام وتخفيف الواو.

                                                                                                                              (أو قلوصه) بفتح القاف وضم اللام. هي الناقة الفتية. ولا تطلق على الذكر.

                                                                                                                              (حتى تكون مثل الجبل، أو أعظم) .

                                                                                                                              وفي رواية: "وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل. كما يربي أحدكم فلوه، أو فصيله".

                                                                                                                              قال المازري: كني عن تضعيف أجرها بالتربية.

                                                                                                                              وقال غيره: المراد بذلك: تعظيم أجرها، وتضعيف ثوابها.

                                                                                                                              قال عياض : ويصح أن يكون على ظاهره. وأن تعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها، ويزيدها من فضله، حتى تثقل في الميزان.

                                                                                                                              قال النووي : وهذا الحديث مثل قول الله تعالى:

                                                                                                                              يمحق الله الربا ويربي الصدقات . انتهى.

                                                                                                                              وأقول: إجراء هذا الحديث على ظاهره، هو الأولى والأصح.

                                                                                                                              [ ص: 584 ] وفيه: إثبات (الكف) لله تعالى. وهو أيضا على ظاهره مثل (اليمين) .

                                                                                                                              ولا يرضى أهل علم الحديث، من السلف والخلف إلا بذلك.

                                                                                                                              والتأويل فرع التكذيب، إن كنت تعقل ولا تريب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية