الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        210 - الحديث الثالث : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : { قلت يا رسول الله ، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة } - وفي رواية : { يوما - في المسجد الحرام . قال فأوف بنذرك } ولم يذكر بعض الرواة يوما ولا ليلة .

                                        التالي السابق


                                        في الحديث فوائد :

                                        أحدها : لزوم النذر للقربة . وقد يستدل بعمومه من يقول بلزوم الوفاء بكل منذور .



                                        وثانيها : يستدل به من يرى صحة النذر من الكافر .

                                        وهو قول - أو وجه - في مذهب الشافعي . والأشهر : أنه لا يصح ; لأن النذر قربة ، والكافر ليس من أهل القرب . ومن يقول بهذا يحتاج إلى أن يؤول الحديث بأنه أمر بأن يأتي باعتكاف يوم شبيه بما نذر ، لئلا يخل بعبادة نوى فعلها .

                                        فأطلق عليه بأنه منذور لشبهه بالمنذور ، وقيامه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة . وعلى هذا : إما أن يكون قوله " أوف بنذرك " من مجاز الحذف ، أو من مجاز التشبيه . ظاهر الحديث خلافه . فإن دل دليل أقوى من هذا الظاهر على أنه لا يصح التزام الكافر الاعتكاف : احتيج إلى هذا التأويل ، وإلا فلا . [ ص: 428 ]

                                        وثالثها : استدل به على أن الصوم ليس بشرط ; لأن الليل ليس محلا للصوم ، وقد أمر بالوفاء بنذر الاعتكاف فيه ، وعدم اشتراط الصوم : هو مذهب الشافعي واشتراطه : مذهب مالك وأبي حنيفة .

                                        وقد أول من اشترط الصوم قوله " ليلة " بيوم . فإن الليلة تغلب في لسان العرب على اليوم . حكي عنهم أنهم قالوا : صمنا خمسا . والخمس يطلق على الليالي . فإنه لو أطلق على الأيام لقيل خمسة . وأطلقت الليالي وأريدت الأيام . أو يقال : المراد ليلة بيومها ، ويدل على ذلك : أنه ورد بعض الروايات بلفظ " اليوم " . .




                                        الخدمات العلمية