الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الرابع : التفصيل بين أن لا يظهر كون الفعل من خصائصه ، فيخص به العموم ، فإن اشتهر كونه من خصائصه فلا يخص به العموم ، وجزم به سليم في التقريب " . وقال إلكيا الطبري : إنه الأصح . قال : ولهذا حمل الشافعي { تزويج ميمونة ، وهو محرم } على أنه كان من خصائصه .

                                                      والخامس : الوقف ونقل عن عبد الجبار .

                                                      وشرط أبو الحسين بن القطان في كتابه لجواز التخصيص به كونه منافيا للظاهر . قال : فأما الفعل الموافق للظاهر فإنه لا يجوز التخصيص به ، [ ص: 514 ] كقوله : { والسارق والسارقة فاقطعوا } فلو أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق مجن أو رداء فقطعه ، لم يدل على تخصيص القطع بذلك المسروق ، لأنه بعض ما اشتملت عليه الآية .

                                                      قلت : وينبغي لأبي ثور أن يخالف في هذا كما سبق .

                                                      وقال الغزالي : إنما يخص الفعل إذا عرف من قوله أنه قصد به بيان الأحكام ، كقوله : { صلوا كما رأيتموني أصلي } و { خذوا عني مناسككم } ، فإن لم يبين أنه أراد به البيان فلا يرتفع أصل الحكم بفعله المخالف ، ولكنه قد يدل على التخصيص ، { كنهيه عن الوصال ، ثم واصل } . وقال : { إني لست كأحدكم } . فبين أنه لم يرد بفعله بيان الحكم . وكذلك { نهيه عن استقبال القبلة واستدبارها ثم رآه ابن عمر [ ص: 515 ] مستدبرا للكعبة } ، فيحتمل أنه تخصيص ، لأنه كان بيانا للحكم والنهي . والنهي مطلقا ، ويحمل أنه كان مخصوصا به .

                                                      وفصل الآمدي بين أن يكون العام شاملا له ، كما لو قال : ترك الوصال واجب على كل مسلم ثم رأيناه قد واصل ، فلا خلاف أن فعله يدل على إباحته في حقه ، ويكون مخصصا له ; وأما بالنسبة إلى غيره ، فإن قلنا : التأسي به واجب ارتفع العموم ، وصار نسخا ; وإن قلنا : ليس بواجب بقي العموم في حق الأمة ، وإن كان عاما للأمة دونه ففعله لا يكون تخصيصا ; لعدم دخوله فيه وإن قيل أيضا بوجوب المتابعة على الأمة كان نسخا في حق الأمة لا تخصيصا ، ثم قال : وهذا [ هو ] التفصيل ولا أرى للخلاف في التخصيص بفعله وجها . قال : فإن كان المراد تخصيصه وحده فلا يتأتى فيه خلاف ، أو تخصيص غيره فلا تخصيص ; بل نسخ ، مع أنهم فرضوا المسألة في التخصيص .

                                                      ثم قال : والأظهر عندي الوقف ; لأن دليل التأسي عام ، فليس مراعاة أحد العمومين أولى من مراعاة الآخر ، وذكر الهندي في النهاية " هذا التفصيل وحكى فيما إذا كان عاما للأمة دونه ، فالفعل لا يكون مخصصا له ، لعدم دخوله . وهل يكون تخصيصا أو نسخا في حق الأمة ، فيه التفصيل .

                                                      وقد احتج أصحابنا بأن الصحابة خصت قوله عليه السلام في الجمع بين الجلد والرجم بفعله في رجم ماعز والغامدية قال ابن السمعاني : [ ص: 516 ] وعندي أن هذه بالنسخ أشبه ، وهو كما قال . ومثله القفال الشاشي برجمه ثم قال : فهو يدل على تخصيص آية الجلد بالأبكار .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية