الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      فتح السين وكسرها في {يحسب} في المستقبل خاصة لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      {إلحافا} : مصدر في موضع الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وذروا ما بقي من الربا : يجيء الإسكان في {بقي} على ما [ ص: 622 ] ما قدمناه من تشبيه الياء بالألف، ومثله قوله: [من البسيط]


                                                                                                                                                                                                                                      هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {الربو} بالواو; فوجهها: أنه فخم الألف، فانتحى بها [نحو الواو التي الألف منها]، ولا ينبغي أن يحمل على غير هذا الوجه; إذ ليس في الكلام اسم آخره واو ساكنة قبلها ضمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم القول في: {فأذنوا} ، وفي: وإن كان ذو عسرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {فنظرة} ، فهو مسكن من (نظرة) ؛ استخفافا، ومن قرأ: {فناظرة} ؛ فمعناه: فمسامحة، يقال: (تناظر القوم بينهم الحقوق) ؛ إذا أخروها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 623 ] {ميسرة} : فتح السين وضمها لغتان، الضم مثل: (المقبرة) ، و(المقدرة) ، والفتح أكثر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ميسره} ؛ فهو شاذ، لا يعلم في الكلام (مفعل) بغير هاء ووجهها: أنه أراد: إلى ميسرته، فحذف هاء التأنيث، كما قال: [من الرمل].


                                                                                                                                                                                                                                      أبلغ النعمان عني مألكا     أنه قد طال حبسي وانتظاري

                                                                                                                                                                                                                                      يريد: مألكة، فحذف.

                                                                                                                                                                                                                                      {تصدقوا} : بالتخفيف على حذف إحدى التاءين، والتشديد على الإدغام.

                                                                                                                                                                                                                                      فرجل وامرأتان : من أسكن الهمزة; احتمل أن يكون شبهها بالألف; لاتفاقهما في الجهر، والزيادة، والبدل، والحذف، والخفاء، وقرب المخرج، فسكنها، ويحتمل أن يكون خففها بإبدالها ألفا على غير قياس، ثم قلبت الألف همزة، كما قالوا: (الخأتم) ، و (العألم) ، وكما قرأ ابن كثير : {وكشفت عن سأقيها} [النمل: 44].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 624 ] وقوله: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى : من كسر {أن} ، ورفع {فتذكر} ؛ فهو شرط، وجوابه: {فتذكر} ، والتقدير: (فهما تذكر إحداهما الأخرى) ، وموضع الشرط وجوابه رفع بأنه نعت للمرأتين، وقوله: {فرجل} : ابتداء، {وامرأتان} : معطوف عليه، والخبر محذوف، والتقدير: (فرجل وامرأتان، ممن ترضون من الشهداء، إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى; يقومون مقام الرجلين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: التقدير: (فرجل وامرأتان، ممن ترضون من الشهداء، إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى; يشهدون) ، فالخبر [مضمر بعد {إن} التي للشرط; لأن الشرط وجوابه صفة للمرأتين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح {إن} ؛ فهي مفعول له]، والعامل فيها فعل محذوف يدل عليه الكلام; لأن معنى فرجل وامرأتان : استشهدوا رجلا وامرأتين; لأن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر الضلال; لأنه سبب الإذكار، وإنما أمروا أن يستشهدوا للإذكار، لا [ ص: 625 ] للضلال، ومثله: (أعددت الخشبة أن يميل الحائط، فأدعمه) ، فإعداد الخشبة للدعم لا للميلان.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز ارتفاع فرجل وامرأتان على إضمار (كان) ، والمعنى: (فليكن رجل وامرأتان ممن يشهدون) ؛ فـ (رجل) : اسم (كان) ، و(ممن يشهدون) : الخبر، و أن تضل : متعلق بـ (تكن) ، والتقدير: (فلتكن شهادة رجل وامرأتين) ، فحذف المضاف، وحسن إضمار (كان) ؛ لتقدم ذكرها في: فإن لم يكونا رجلين .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تقدر (كان) بمعنى: (وقع) ، ويكون إضمار شيء واحد أحسن من إضمار شيئين; فالمعنى: فليحدث شهادة رجل وامرأتين; لأن تضل.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نصب {فتذكر} ؛ فهو معطوف على {تضل} على قراءة من فتح {أن} ، ومن رفع; فعلى: (فهما تذكر) ، على ما قدمناه.

                                                                                                                                                                                                                                      وموضع {أن} من أن تكتبوه نصب على معنى: (لا تملوا من أن تكتبوه) .

                                                                                                                                                                                                                                      صغيرا أو كبيرا : حالان من (الهاء) في تكتبوه ، وهي عائدة على (الدين) .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا أن تكون تجارة حاضرة : النصب على تقدير: (إلا أن يكون المتبايع تجارة حاضرة) ، والرفع على تقدير: (إلا أن تقع تجارة حاضرة) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 626 ] ولم تجدوا كاتبا : من قرأ: {كتابا} ؛ احتمال أن يكون مصدر (كتب) ، واحتمل أن يراد الكتاب الذي يكتب فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {كتابا} ؛ فجمع (كاتب) ، و {كتبا} ؛ جمع (كتاب) .

                                                                                                                                                                                                                                      {فرهان} : ابتداء، والخبر محذوف، المعنى: فرهان مقبوضة تكفي من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      و(رهان) : جمع (رهن) ؛ كـ (كعب وكعاب) ، ويجوز أن يكون جمع (رهن) ، و(رهن) : [جمع (رهن) ، إلا أن سيبويه لا يرى الإقدام على جمع الجمع إلا بسماع.

                                                                                                                                                                                                                                      و(رهن) : يحتمل أن يكون جمع (رهن) ]; (كسقف وسقف) ، ويجوز أن يكون جمع (رهان) ، و(رهان) : جمع (رهن) ، وإسكان الهاء من {رهن} تخفيف.

                                                                                                                                                                                                                                      فإنه آثم قلبه : {آثم} : خبر (إن) ، و {قلبه} : رفع بفعله.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يرتفع {آثم} بالابتداء، و {قلبه} بفعله، ويسد مسد الخبر، والجملة خبر (إن) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يرتفع {قلبه} بالابتداء، و {آثم} : خبره، والجملة خبر (إن) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 627 ] ويحتمل أن يكون {آثم} خبر (إن) ، و {قلبه} : بدل من المضمر في {آثم} ؛ بدل بعض من كل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز أبو حاتم نصب {قلبه} بـ {آثم} على التفسير، وهو بعيد; لأنه معرفة.

                                                                                                                                                                                                                                      فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء : من جزم; عطف على {يحاسبكم} ، ومن رفع; قطعه من الأول، ومن نصب; فبإضمار (أن) ، وهو معطوف على المعنى، حسب ما قدمناه في فيضاعفه له .

                                                                                                                                                                                                                                      كل آمن بالله : وحد {آمن} على لفظ {كل} ، ويجوز في غير القرآن: {كل آمنوا} على المعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وكتابه} على التوحيد; احتمل أن يكون واحدا يراد به الكثرة، واحتمل أن يكون مصدرا بمعنى: المكتوب، فيكون كـ (الخلق) يراد به: المخلوق، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 628 ] ومن قرأ: {وكتبه} ؛ فهو جمع (كتاب) ، يقويه أن قبله: {وملائكته} ، وبعده: {ورسله} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {لا يفرق} بالياء; فلأن قبله: كل آمن بالله ، فهو محمول على {كل} ، والنون على معنى: قالوا: لا نفرق.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم ذكر انتصاب {غفرانك} ، وأجاز الفراء رفعه; على معنى: (غفرانك بغيتنا) .

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الهمزة في (الإصر) يحتمل أن يكون لغة فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح ياءات الإضافة; فهو الأصل; لأنها بإزاء كاف المخاطب وشبهها، ومن أسكنها; أراد التخفيف، وقد كرهوا الفتح في الياء في مواضع; نحو: (قالي قلا) ، و(معدي كرب) ، والياء في موضع فتح; لأنه بمنزلة: (حضرموت) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن اختص الفتح عند الهمزة; فعلته: أن الهمزة من حروف قد يفتح لها ما لا يفتح لغيرها; نحو: (يبرأ) و(يقرأ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح عند الهمزة المفتوحة والمكسورة دون المضمومة; فلأن التغيير للمضمومة قليل، ولذلك لم يغيروا في نحو: {رءوف} ، كما غيروا في نحو:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 629 ] (رجل جئز) ، ولا يعتد بتغييرهم في نحو: (يقرأ) ؛ لأن ضمته للإعراب، فهي لا يعتد بها، كما لم يعتدوا بها في نحو: (كتف) ، فكسروا التاء، وليس في الكلام مثل: (فعل) ، ويقوي فتح الياء مع الهمزة دون غيرها: أنه أشد بيانا لها، وكما بين حرف المد واللين عند الهمزة بالمد، كذلك بينت الياء بالحركة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن خالف ما أصله في بعض الياءات; فمنه ما يكون لعلة; نحو مراعاة أبي عمرو طول الكلمة في نحو: ليحزنني أن [يوسف: 13]، وشبهه، فكره أن يزيد في طولها بالحركة، ونحو مخالفة من خالف أصله في: آبائي إبراهيم [يوسف: 38]; ليبعد بالحركة ما بين الهمزتين، ومن ذلك ما يكون اتباعا للرواية، وجمعا بين اللغتين.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما المحذوفات; فمن حذف جميعها اتبع خط المصحف، [والعرب تستعمل الحذف في ذلك كثيرا، والاكتفاء بالكسرة، وقد بسطنا ذلك في «الكبير» ، وسنذكر طرفا منه في أصول القراءات] من آخر هذا المختصر إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أثبت في الوصل، وحذف في الوقف; فلأنها في الوصل في نية حركة، فأجراه مجرى الياءات المتحركة في نحو: يتبعون الداعي [طه: 108]، و(رأيت [ ص: 630 ] القاضي) ، فإذا وقف عليها كانت في نية السكون، فحذفت كما تحذف الصلة في نحو: من عنده [المائدة: 52]، و {وأمه} [المائدة: 17].

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أثبت في الحالين; جاء بها على الأصل، وليس ذلك بخلاف للخط; لأنهم كثيرا ما يحذفون حروف المد واللين فيه، وهي ثابتة في التلاوة.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية