الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      شريح بن محمد

                                                                                      بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن شريح ، الشيخ الإمام الأوحد المعمر الخطيب ، شيخ المقرئين والمحدثين أبو الحسن الرعيني الإشبيلي المالكي ، خطيب إشبيلية .

                                                                                      ولد في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة .

                                                                                      تلا على والده العلامة أبي عبد الله بكتابه " الكافي " في السبع ، وحمل عنه علما كثيرا ، وأجاز له مروياته أبو محمد بن حزم الظاهري .

                                                                                      وسمع " صحيح البخاري " من أبي عبد الله بن منظور صاحب أبي ذر الهروي ، وسمع من علي بن محمد الباجي ، وأبي محمد بن خزرج ، وطائفة .

                                                                                      [ ص: 143 ] قال أبو الوليد بن الدباغ : له إجازة من ابن حزم ، أخبرني بذلك ثقة نبيل من أصحابنا أنه أخبره بذلك ، ولا أعلم في شيوخنا أحدا عنده عن ابن حزم غيره ، وقد سألته : هل أجاز له ابن حزم ؟ فسكت ، وأحسبه سكت عن ابن حزم لمذهبه .

                                                                                      قلت : وعاينت في سفينة تواليف لابن حزم بخط السلفي وقد كتب : كتب إلي أبو الحسن شريح بن محمد قال : كتب إلينا أبو محمد بن حزم .

                                                                                      قال الحافظ خلف بن بشكوال كان أبو الحسن من جلة المقرئين ، معدودا في الأدباء والمحدثين ، خطيبا بليغا ، حافظا محسنا فاضلا ، مليح الخط ، واسع الخلق ، سمع منه الناس كثيرا ، ورحلوا إليه ، واستقضي ببلده ، ثم صرف عن القضاء ، لقيته في سنة ست عشرة ، فأخذت عنه .

                                                                                      وقال اليسع بن حزم : هو إمام في التجويد والإتقان ، علم من أعلام البيان ، بذ في صناعة الإقراء ، وبرز في العربية مع علم الحديث وفقه الشريعة ، كان إذا صعد المنبر حن إليه جذع الخطابة ، وسمع له أنين الاستطابة ، مع خشوع ودموع ، رحلت إليه عام أربعة وعشرين ، فحملت عنه .

                                                                                      قلت : وحدث عنه : أبو بكر محمد بن خير اللمتوني ، ومحمد بن خلف بن صاف ، ومحمد بن جعفر بن حميد البلنسي ، وأبو بكر بن الجد الفهري ، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ، ومحمد بن يوسف بن مفرج الباقي بتلمسان إلى سنة ست مائة ، وأحمد بن علي الحصار ، وإبراهيم بن محمد بن ملكون النحوي ، ونجبة بن يحيى ، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري ، [ ص: 144 ] وخلق آخرهم عبد الرحمن بن علي الزهري الذي حدث عنه ب " صحيح البخاري " في سنة 613 .

                                                                                      وتلا عليه بالسبع عدد كثير ، منهم أبو العباس أحمد بن محمد بن مقدام الرعيني ، ومحمد بن علي بن حسنون الكتامي ، وماتا في سنة أربع وست مائة ، ومحمد بن عبد الله بن الغاسل ، وآخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن بقي البقوي الباقي إلى سنة خمس وعشرين وست مائة .

                                                                                      مات شريح في الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وخمس مائة وكانت جنازته مشهودة .

                                                                                      وفيها مات رئيس الشافعية أبو منصور سعيد بن محمد بن الرزاز البغدادي مدرس النظامية .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية