الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثقتي بنفسي سيئة ومهما تظاهرت بالقوة يقولون بأنني ضعيفة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاه عمري 18 عام، منذ صغري وأنا هادئة، ولدي أعراض رهاب وخجل من الناس، أما في البيت فأنا نشيطة ولي وجودي، أتذكر مواقف كثيرة لي وأنا طفلة، حيث كنت أشعر فيها بالدونية؛ ربما لأنه ليس لي أخوات في عمري لكي يعلمونني الجرأة، أو لأن أمي لم تعرف كيف تربيني، أو أن هناك خللاً في دماغي يجعلني ضعيفة ومنكسرة وعديمة الثقة!

كبرت وكبرت معي هذه المشكلة، فأنا لا أستطيع المشاركة في الحوارات مع الناس كثيرا، ولست اجتماعية، وليس لدي ثقه بنفسي، لا أعلم ماذا أفعل!

والشيء الذي يقتلني كل مرة أتذكر فيها كلام الناس، فأنا حساسة جدا، وكلامهم جارح لا يرحم، فمثلا: إحدى البنات في المدرسة قالت لي وهي ساخرة: فلانه ليس لديها شخصية -وكانت تقصدني-. ومرة أخرى جلست جلسة مصارحة مع خالتي، وكنا نتكلم عن أنفسنا، فقالت لي: ينقصك الثقة بنفسك، ووجود الاكتئاب. مع العلم أنني من عائلة محترمة، فأبي إمام مسجد، وأمي إنسانة محترمة، ولها سمعتها الجيدة، وواثقة من نفسها، وأن على العكس منهم.

لا أعلم كيف لم أصبح مثلهم! فأنا إنسانة لدي بعض أعراض الرهاب، وعدم الثقة بالنفس، والنظرة الدونية للنفس، وأكره المناسبات الاجتماعية وأتوتر، وغالبا أجلس وحدي لأنني لا أتجرأ على الاختلاط مع الفتيات، أو قد أجلس معهم، لكن أبقى صامته، ويكون واضحا علي بأن ثقتي مهزوزة، ففي أيام المدرسة كنت متفوقة وممتازة عند جميع المعلمات، لكن لم أستطع أن أكون صداقات حتى الآن، هذا نتيجة كبت مشاعري، فصبري يكاد ينفد من هذه الحالة.

كما أريد أن أسألكم: لدي عمة مصابة بمرض نفسي، لا أعلم ما هو بالضبط، لأنها تسكن بعيدا عنا، ولا نراها إلا نادرا جدا -شفاها الله وعافاها-، أتوقع من كلام الناس أنها تعاني من الشك أو الفصام، كما أن جدتي لأمي وأم أبي يعانون من مرض نفسي، فخفت أن يكون الأمر وراثيا، فهل جميع الأعراض التي ذكرتها قد تتطور لهذه الأمراض النفسية؟ وهل يمكنني تغيير نفسي للأفضل؟ وهل ثبت طبياً أن أشخاصًا استعادوا ثقتهم بأنفسهم؟

كيف أنسى كلام الناس وأغير صورتي في أذهانهم؟ فجميعهم يعرفون أن شخصيتي ضعيفة وخجولة؟ وكيف أكون فتاة جريئة وقوية؟ فأنا مهما تظاهرت بالقوة يقولون لي بأنني ضعيفة.

لا أظن أنني أستطيع شراء أدوية نفسية لأسباب منها: نظرة المجتمع، وعدم سماح والدي بذلك، كما أنني أسكن في قرية وأعتقد أنها لا توجد هناك -أي الأدوية-، فهل حالتي تحتاج لعلاج دوائي؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لقد ذكرت -أختي الفاضلة- في رسالتك أنك تعانين من مشكلة ضعف الشخصية، وفقدان الثقة بالنفس:

أنطلق معك من قول أحد علماء النفس: "الثقة بالنفس عادة يمكنك أن تنميها عبر التَّصرف، كما لو كنت تملك بالفعل الثقة التي ترغب في الحصول عليها".

كما أرجو التأمل في النقاط التالية:

1- النقطة المهمة التي لا بد من التنبيه عليها هي: أن الحالة النفسية التي ذكرتيها لا تستدعي تناول الدواء، بل تحتاج إلى العزم والإدارة القوية والرغبة الصادقة في التغيير، وإنني واثق أن ذلك موجود لديك وإلا ما كنت أرسلت رسالتك هذه, لذلك أنصحك من اللحظة التي تقرئين فيها هذه الإجابة قرري أن تبدئي رحلة التغيير متقيدة بجدية بما سيرد من نصائح وتوجيهات -وبإذن الله- سرعان ما سترين النتائج الإيجابية.

2- فرغي كوبك، هذه أول وأهم خطوات التغيير، والمقصود بذلك التخلص من الأفكار السلبية التي تسيطر عليك، وقومي بضخ أفكار إيجابية، فالدماغ يقتنع بالقناعات التي تؤمنين بها، لذلك نقطة الانطلاقة يجب أن تكون من هنا، من خلال تكرار العبارات الإيجابية: أنا قوية الشخصية، أنا محاورة ناجحة، أنا لدي علاقات اجتماعية قوية، أنا أستطيع أن أجذب الأنظار إلي عندما أتحدث، وغير ذلك من الأشياء التي تتمنينها، والأفضل أن تكتبي هذه العبارات الإيجابية بخط واضح جميل، وتزيني بها جدران غرفتك؛ بحيث لا تغيب عن ناظريك.

3- حضور دورات فنون التواصل الفعال، وتنمية الشخصية، وإدارة الحوار، وكيف أكون شخصية جذابة، وإن تعسر حضور من هذه الدورات كونك تعيشين في قرية، فلا بأس يمكنك أن تتابعيها عن طريق النت، وتعلمي منها، ودوني أهم ما جاء فيها من أفكار، وحاولي تطبيق هذا الأفكار.

4- فعّلي قوة التخيل لديك، تخيلي نفسك أنك في حفلة، أو في اجتماع عائلي، وابدئي بالحوار معهم، والتحدث بطلاقة، والنقاش في مواضيع مهمة، أعيدي المشهد أكثر من مرة حتى تشعري أن حوارك أصبح قوياً؛ فذلك سيساعدك على علاج مشكلة فقدان الثقة وضعف الشخصية.

5- اتخذي القدوة الحسنة والعمل على محاكاتها في أفعالها وتصرفاتها وردود أفعالها.

6- احرصي على الصحبة الصالحة التي من شأنها أن تأخذ بيدك إلى تحقيق الاتزان والاستقرار النفسي، وتساعدك في تقوية الثقة بالنفس والانطلاق.

7- تأكدي من أنّ إحساسك بالدونية أمام صديقاتك لن يغير في الوضع شيئًا، بل قد يزيد في هدم ثقتك بنفسك، فعليك التخلص من هذا التفكير الهدام، ويمكنك أن ترددي هذه الكلمة: "أنا الفتاة المؤمنة القوية"، " أنا الفتاة الواثقة بربها والمتمسكة بدينها والمتميزة بمادئها وأخلاقها"، فترداد هذه الكلمات له أثر كبير على العقل اللاواعي، وخاصة قبل النوم.

8- القراءة والاطلاع لها أثر كبير في تقوية الشخصية؛ إذ أنه يصبح بين يديك الكثير من التجارب التي يمكن التعلم منها والاستفادة منها، وكذلك بالقراءة تمتلكين الثراء اللغوي والثقافي، فتستطيعين المشاركة في أي موضوع يتم طرحه.

9- التجاهل في كثير من الأحيان علاج فعال للكثير من المشاكل التي تعترضنا من الآخرين، لذا تجاهلي كل ما تسمعين من عبارات سلبية، وحوليها إلى قوة تولد لديك الراغبة والعزيمة على التغيير، وامضي في طريقك نحو هدفك بالتغيير، وبإذن الله ستقطفين الثمار.

10- أما بالنسبة لما ذكرتِهِ عن وجود أمراض نفسية في العائلة فهل ممكن أن تكون وراثية؟ لا نظن ذلك؛ فثمة الكثير من الأشخاص كان لديهم هذه المشكلة واستطاعوا علاجها بخطوات بسيطة.

هذه عشر خطوات قد أطلت بذكرها لأن مثل هذا الاستشارة كثيراً ما تصلنا كمسشتارين ولعله يفيدك ويفيد غيرك.

أسأل الله أن يجعل لك مخرجاً، ويرزقك سعادة الدارين اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق كريم

    اختي لاتخافي انا كنت نفس الحاله لكن تغلبت عليها الحمد لله فقط لايهمني كلام الناس ولا اهتم بما يقولون ولا اخاف من احد سوى اخاف الله لانهم بشر مثلنا لا يخيفوني حتى اشعر بالخجل او التردد والتوتر ولا هم افظل منا حتى يتكلمون عن الناس فغيري نظرتك بنفسك اولا قوي ثقتك بنفسك وسوف ترين النتائج ومن ثم اطلعي اكثر ع الدين كوني مؤمنه قويه لاتخافين ولاتخشين احد سوى الله بارك الله فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً