الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغير إلى شخصية قوية واثقة من نفسها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر جميع المختصين في الاستشارات في هذا الموقع، بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

أبلغ من العمر 18 سنة، منذ المراهقة وأنا أعاني من قلة الثقة في النفس، وأعاني من ضعف الشخصية، أشعر دوماً أنني أقل شأناً من الفتيات الأخريات، أشعر دوماً بالنقص جسداً وذكاءً وشخصيةً، مع أن الجميع يمدح جمالي وأخلاقي، لكني أحس أنها مجاملة، مترددة دوماً، وخجولة خجلاً مرضياً، أخجل كثيراً عند التعامل مع الغرباء، خصوصاً الرجال والسيدات كبيرات السن، وأنا كتومة جداً في الجلسات العائلية، ولا أتحدث إلا إذا بادر أحد الحاضرين بالحديث معي، وإن حاولت المبادرة بالحديث أتلعثم في الكلام، وأقول جملاً غير مفهومة، وأحمر خجلاً، وأتعرق.

لا أستطيع أن أرفض أي طلب، حتى وإن كان مستعصياً علي، لا أستطيع الاستنكار على شيء، وأوافق على أي حديث، حتى وإن كنت في داخلي أستنكره، لا أستطيع أن أدافع عن حقوقي حتى لو سلبت مني، والكل يراني فتاة معقدة نفسياً.

أريد حلاً لهذه المشكلة العويصة التي تعوق تواصلي مع الناس، فكيف أغير شخصيتي الضعيفة إلى شخصية قوية؟ كيف أكتسب الثقة في النفس؟ سئمت من شعوري بالضعف والعجز دوماً، وسئمت من استغلال صديقاتي الدائم لي.

وشكراً مسبقاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نأسف لسماع ما تعانين منه، من كونك تعانين من نقص في الثقة بالنفس، هذه مشكلة شائعة في فترة المراهقة، ولكن هناك خطوات يمكنك اتخاذها لتقوية شخصيتك، وثقتك بنفسك:

1. اكتشفي ما هي نقاط قوتك ومهاراتك التي تشعرين بأنك فخورة بها، هل أنت جيدة في الرسم؟ هل لديك قدرات تفكير تحليلية قوية؟ اكتشفي مجالاتك المميزة، وقومي بتطويرها والعمل على تحسينها.

2. قد تكونين متأثرة بالذات النقدية الداخلية، حيث تشككين في قدراتك وتركزين على السلبيات، حاولي تحويل الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية، وتذكري أنك تمتلكين مميزاتك الخاصة، وتستحقين الثقة بنفسك، ضعي لك جدولاً فيه خانتين: خانة الإيجابيات وخانة السلبيات، وستكتشفين أن لديك إيجابيات كثيرة أنت غافلة عنها.

3. يمكن أن يلعب الاهتمام بالمظهر الشخصي دورًا في بناء الثقة بالنفس، اعتني بنفسك واختاري الملابس والإكسسوارات التي تعكس شخصيتك، وتجعلك تشعرين بالثقة والراحة.

4. تحدثي بثقة ووضوح عند التواصل مع الآخرين، قومي بتمارين لتحسين مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، مثل التحدث أمام المرآة، أو ممارسة الحوارات الوهمية.

5. قومي بالأنشطة التي تعزز الثقة بنفسك وتمنحك إحساسًا بالتحدي والتقدم، قد تكون الرياضة أو الفنون أو أي نشاط تجدين فيه شغفًا فرصة رائعة لتعزيز ثقتك بنفسك.

6. تعلمي أن تقولي: (لا)، قد تجدين صعوبة في رفض طلبات الآخرين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى استغلالك من قبل الآخرين، تعلمي كيف تقولين: (لا) بأدب وثقة، عندما تجدين أن الطلب غير مناسب، أو لا يمكنك تلبيته.

7. لا تترددي في البحث عن دعم من الأشخاص المقربين منك، مثل الأصدقاء أو أفراد العائلة، قد يكون لديهم نصائح ودعم تساعدك في تعزيز ثقتك بنفسك، ولا تنسي أن بناء الثقة بالنفس يستغرق الوقت والجهد، قد يكون من المفيد أيضًا استشارة مستشار أو مدربة للمساعدة في هذه العملية، أهم شيء هو أن تؤمني بقدرتك على التغيير والنمو، وأن تكوني صبورة مع نفسك في هذه الرحلة.

8. بخصوص التعامل مع الخجل: حاولي التركيز على أسباب خجلك، والعمل على التغلب عليها تدريجيًا، قد يكون من المفيد أن تقومي بتحديد المواقف التي تسبب لك الخجل، وتبدئي في التعامل معها ببطء، قومي بالتعرف على أنك تستحقين أن تتحدثي وتعبري عن نفسك بثقة، وجربي الحوارات الوهمية كما اشرنا سابقاً.

9- لا تنسي أن اللجوء إلى الله تعالى والدعاء من أعظم الأسباب التي تعينك على تخطي الصعاب في أحلك الظروف، ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠]. وعلى رأس هذه الأدعية قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ” قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» [صحيح البخاري].

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً