الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قد ينشغل الإنسان بجمع الأموال ويفقد أسرته وأولاده!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موظف في شركة جيدة، وراتبي -الحمد لله- يكفي بيتي ويفيض للادخار، وأنا لا أملك شيئًا سوى وظيفتي، وأرى أهلي وزملائي ممن يملكون مرتبًا أعلى من مرتبي لديهم مشاريع، ويشتكون من ضيق العيش، وصعوبة الحياة، ويشعرونني بالفشل، وكيف يمكنني العيش بدون مشروع أو مصدر رزق آخر؟

لم أحسدهم أو أفكر بما لديهم، ولكنهم زرعوا لدي الإحساس بالفشل، وكيف سيكون لدي المال في المستقبل؟ سوف تقولون ابدأ بالمشروع، ولكن لأسرتي علي حق، فما الحل؟ الموضوع أتعب نفسيتي، ولا يمكنني الفرح بما لدي، فما نصيحتكم؟ فأنا أفكر ومتضايق طوال الوقت ولا أدري ماذا أفعل؟ متضايق وأحمل هم الدنيا على الرغم من عدم وجود أي مشكلة، فأنا راضي بما لدي وسعيد ولكنهم زرعوا إحساس الفشل لدي.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا يخفى عليك أن الغنى غنى النفس، وأن الإنسان ينبغي أن يُوازن بين حقوق الأسرة وبين حقوق العمل، وأحسنتَ عندما أشرت إلى أن الأسرة قد تحتاج للإنسان لبعض الوقت، ولا يصلح أن يشتغل الإنسان في ليله ونهاره من أجل أن يجمع الأموال، وفعلاً قد يجمع الأموال لكنّه يجد أنه فقد أسرته وفقد أولاده وقصّر في تربيتهم.

وعليه فالمطلوب هو الموازنة، نحن ندعوهم إلى أن يكون لهم الاهتمام بأمر بيوتهم، وندعوك أيضًا إلى أن تُعطي جانبًا للتفكير في المستقبل، ولذلك التوازن هو المطلوب، فلا نستطيع أن نُؤيّد ما يقومون به مائة بالمائة، ولا نستطيع أن نوافق على ما تقوم به مائة بالمائة، على أننا نرى أنك أفضل، طالما كنت -ولله الحمد- راضيًا وتعتبر أن الأسرة بحاجة إليك في بعض الأشياء، وتخشى أن يكون العمل الإضافي أو الجري وراء الامتيازات الدنيوية وتوسيع المشاريع على حساب الأسرة.

فعلاً نحن لا نملك استثمارًا أغلى من أبنائنا وبناتنا، ولكني أكرر دعوتي إلى أن يكون الإنسان متوازنًا، والنجاح الفعلي هو النجاح في الخارج والنجاح في الداخل، أما أن ينجح الإنسان في العمل ويفشل في الأسرة فهذا ليس نجاحًا، بل نجاحًا لا يستمر، بل نجاحًا سيندم عليه، والذي ينجح في البيت ويفشل في الخارج أيضًا هذا لا نريده، لكنه أقلّ خطرًا من الأول، خاصّة أمثالك ولله الحمد.

أنت تؤدي ما عليك، فاشكر الله على نعمه وعلى ما أولاك، وبعد ذلك ركّز على أن تُعطي الأسرة حقها، والأبناء حقهم، ثم بعد ذلك لا مانع من أن تفكّر في مصدرٍ للرزق، أو تتوسّع ولو في مشروع واحد، أو شيء تستطيع أن تستفيد من ورائه أموالاً، والتوفير أيضًا والاقتصاد في المعيشة مطلب شرعي ومطلب مفيد بالنسبة للإنسان، بأن يأكل ويتصدّق وأيضًا يدّخر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسّع لنا ولكم في الأرزاق.

نكرر دعوتنا لك بعدم النظر إلى ما عند الناس، وبناء حياتك وسعادتك على القناعات التي تؤمن بها، وتشاور مع أهلك في هذه المسألة، ونحن مرة أخرى نرجح أن ربح الأهل هو الربح الفعلي.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً