الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد زواجي لم تعجبني شخصية زوجي، فهل أنفصل عنه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة حديثًا من ابن عمي بشكل تقليدي، وبدون أي تواصل قبلها، ولكن كان هناك قبول في داخلي، ولكن بعد الزواج ومضي بعض الوقت معاً شعرت بأنني لا أريد أن أكمل حياتي معه.

بدأت أنفر منه، ومن جلوسي معه، والحديث معه، فلا يعجبني شكله، ولا أسلوبه، ولا شخصيته حتى أنني أُستفز من حديثه، لا يعجبني أبدًا، وأشعر بالملل، وعدم السعادة في الحياة الزوجية حتى في العلاقة أرفضها في داخلي بشدة وأشعر بالاشمئزاز، وأعتذر عن قول هذا! حتى عندما أدخل وأجده أمامي يكفهر وجهي وأتضايق.

هو ليس بالسيء، ولكني لا أريده، ولا أريد أن أكمل حياتي معه؛ لأنه ليس الرجل الذي كنت أتمناه، وأشعر أنه ناقص، وهذا ظلم له ولي، فهل يحق لي الانفصال بسبب هذه المشاعر والكره؟

أيضًا بسبب كثرة الأعباء المنزلية، أصبحت تؤثر علي، وترغبني بالانفصال، فقبل الزواج كنت أُخدم في بيت أهلي، وسعيدة، وراضية، ومستقرة، لا أجلس بمفردي أغلب الوقت، ولكن الآن أشعر بعدم الارتياح، وعدم الاستقرار، أرى أن حياتي قبل أجمل وأريد العودة إليها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يجلب لك السعادة والطمأنينة والأمان والاستقرار.

لا يخفى عليك أن هذه الحياة لا تخلو من الأكدار، ولا تخلو من المشاكل، قال الشاعر:
جُبلتْ على كدرٍ وأنت تريدُها ... صفوًا من الأقذاء والأكدار
ومكلِف الأيام فوق طباعها ... متطلبٌ في الماء جذوةِ نار

وأن السعادة في هذه الدنيا لا تُنال إلَّا بطاعتنا لله تبارك وتعالى، وأن النجاح الحقيقي هو الفوز برضا الله تعالى وتجنب سخطه، وأن يجنبنا خزي الدنيا وعذاب الآخرة، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.

واعلمي أن ابن العم في أرفع المنازل، وعم الإنسان صنو أبيه، والحمد لله أنك بدأت حياة -كما تقولين- تقليدية، لكن كان هناك قبول داخلي، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه البناء، وإلَّا ما يحدث بعد ذلك من كُرهٍ فهو من عدوّنا الشيطان، كما قال ابن مسعود لمن أراد أن يتزوج، فسأله، فقال: (إن الحب من الرحمن)، وإذا كان الحب من الرحمن الذي يملك قلوب العباد، الذي قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألَّف بينهم}، إن الحب من الرحمن، وما عند الرحمن لا يُنال إلَّا بطاعته، فنوصيك بالإكثار من الطاعات والسجود لرب الأرض والسماوات، ورفع أكفّ الضراعة إليه، فإنه يُجيب المضطر إذا دعاه.

ثم قال ابن مسعود رضي الله عنه: (وإن البُغض من الشيطان، يريد أن يُبغض لكم ما أحلَّ الله لكم)، هذا عمل الشيطان، يأتي ليبغّض الحلال، يأتي ليشوّه الحياة الزوجية الصحيحة؛ لأن الشيطان لا يريد لنا الزواج، ولا يريد لنا الصلاة، ولا يريد لنا الطهر، ولا يريد لنا العفاف، فعاملي عدوّنا بنقيض قصده.

إذا كان ابن العم فيه أشياء مُعينة تُضايقك، فلا مانع من إدارة حوار، ولكن قبل ذلك تذكّري ما فيه من الإيجابيات، وسعدنا أنك لا تريدين أن تظلميه وتظلمي نفسك، إذًا عليك أن تعملي فيما يُسعدك ويُسعده، إذا كانت الحياة معه مملة، فأنت بحاجة إلى تجديد الحياة، تجديد الروتين، تغيير نظام البيت، يعني محاولة فتح مواضيع معه، البحث عن قواسم مشتركة.

ولا تحاولي أن تقارني زوجك بالآخرين؛ لأن الإنسان إذا ألقى نظره، وفكّر فيما عند الآخرين، فإنه يُحرم السعادة، ولذلك الإنسان ينبغي أوَّلاً أن يتعرّف على النعم التي يتقلّب فيها، ثم يُؤدي شُكرها، وإذا شكر هذه النعم نال بشكره لربِّه المزيد؛ لأن الله يقول: {وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنَّكم} لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم نعمًا غيرها، وكُفران النعم يكون بجحودها وعدم الشكر عليها، ونسبتها لغير الله -والعياذ بالله-.

وأرجو أن تعلمي أن زوجك كغيره من الرجال، كل الرجال وكل النساء، نحن بشر فينا إيجابيات وفينا سلبيات، فلا تظني أن الآخرين بلا عيوب، ولا تظني أن زوجك وحده هو الذي فيه نقائص، وأنت لست كاملة، والرجل ليس كاملاً، ولكن الإنسان ينبغي إذا ذكّره الشيطان بالسلبيات أن يحشد الإيجابيات ويُضخّمها، ويحمد الله تبارك وتعالى عليها.

ونحب أن نؤكد لك أن الانفصال ليس حلًّا، وأن الإنسان لا يعرف قيمة الحياة الزوجية وحلاوتها إلَّا إذا فقدها، فلا تستعجلي، ولا تفكّري في هذا الاتجاه، واحرصي على عمارة البيت بأذكار الصباح والمساء، وقراءة سورة البقرة، وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، وكذلك أيضًا الأعباء المنزلية، اطلبي منه أن يأتي بخادمة تُساعدك، أو يُساعدك هو، ورتبي أعمالك، بحيث تكون أعمالًا مرتبة، الإنسان إذا عمل جدولاً ورتّب أعماله فإن هذا يُساعده.

والشعور بعدم الاستقرار وبعدم الارتياح وبعدم النجاح؛ كل هذه مشاعر لا شك أن الشيطان يُغذيها، والإنسان إذا فكّر بالطريقة السلبية تأتيه السلبيات، فلا تنظري للحياة بمنظارٍ أسود، واحرصي دائمًا على أن تتذكّري النعم لتشكريها، المشكلة أننا ننظر في الجزء الفارغ، ولا ننظر في الجزء المليئ من الكأس، الحياة مليئة بالأشياء الإيجابية.

إذًا غيّري نمط التفكير، واستقبلي حياتك بأملٍ جديدٍ، وبثقةٍ في ربنا المجيد، ونسعد في الاستمرار بالتواصل، وشجعي زوجك أيضًا على التواصل، وأديري الحوار معه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً