الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خاطبي يحبني كثيرًا ولكني لم أستطع أن أحبه، فهل أكمل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمت خطبتي منذ حوالي ٥ شهور، وبمجرد إتمام الخطوبة دخلت في عملية، وبعد العملية استمررت حوالي ٤ شهور أتعالج، وفي خلال هذه الفترة وبالرغم من وجود خطيبي بجانبي، وبالرغم من التعافي، وبالرغم من مدى حبه لي وتعلقه بي، وبالرغم من أنه حين يحصل أي خلاف لا يتأخر في مراضاتي، ويحرص دائمًا على تمسكه بي، إلا إنني لا أشعر أنني أبادله نفس المشاعر والحب، وأشعر بالخوف كثيرًا من إكمال تلك الخطبة؛ لأنه مدخن ولكنه وعد بأن يقلع؛ ولأن شخصيته لا تعجبني أحيانًا.

أنا الآن أبكي من الحيرة، أريد ألا أكمل، ولكني أشعر بالذنب؛ لأنه يحبني كثيرًا، ويفعل أي شيء لرضاي، ومن حولي يقنعونني بأنه مناسب لي ويحبني ولن أجد مثله، وأن أساعده على تعديل عيوبه، وأن ما يحتاجه هو الأنيس ليتغير جدياً؛ لأنه تربى بدون أب -والده متوفى- ولم تكن حياته الاجتماعية ولا الدراسية جيدة، ومر بمطبات نفسية كثيرة.

انصحوني أرجوكم؛ لأني خائفة جدًا، ولا أعلم ماذا أفعل؟ ولا أريد ظلمه معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي -أيتها المباركة- ما يلي:

أولاً: الزواج لا يبنى على التطابق، ولا يحظى الإنسان في دنياه بكل ما يريد، ولا في زواجه بكل الصفات التي يرغب فيها، ولذا عند الاختيار نكتفي بثلاثة أمور:

- أن يكون صاحب دين وخلق.
- أن يكون مقبولاً من حيث المظهر.
- أن يكون جادًا محبًا.

فإذا وجدنا الثلاثة بعد الاستخارة والاستشارة، فإننا نوصي الأخت بالموافقة.

ومن خلال حديثك فقد ذكرت أن الخاطب محب لك وصادق في ذلك، لكن حيرتك تتلخص في:
أنه مدخن، ومشاعرك تجاهه ليست مكتملة، وشخصيته لا تعجبك.

أما التدخين: فقد وعد بالإقلاع، وعليه أن يبدأ من الآن، فإن أقلع أو حاول فقد أزيل العائق الأول.

وأما المشاعر: فلا يخفاك أنك منذ يوم أن عرفتِه وأنت متقلبة الحال بين مرض، أو عملية، وهذا الوضع لا يمكن البناء عليه جيدًا، وعليه فنرجو تجاوز هذه النقطة إلى أن تتضح معالمها من خلال التعرف إليه أكثر.

بقيت آخر نقطة وهي: أن شخصيته لا تعجبك، وهذا الجملة فضفاضة ذات وجوه، وعليه فيجب تحديد ما لا يعجبك فيه بدقة، فإن كانت بعض الصفات التي تستمر معها الحياة، فلا حرج من ذلك، أما إذا كان في الشخصية ما ينفرك منه، وقد يدفعك إلى ما لا يحل لك بعد الزواج، أو ما يخالف الشرع الحنيف وليس عنده قابلية للتغير، فهنا يجب التوقف والتريث.

وعليه فإننا ننصحك بما يلي:
- إن كان الرجل صاحب دين وخلق، ومعاصيه غير مصر عليها، وعنده الرغبة في التغيير، فإننا ننصحك بعد مشاورة أهلك؛ أن تستخيري الله تعالى، وأن تتمي هذا الزواج، خاصة وكل من حولك يحثك على ذلك، المهم أن تسألوا عن أخلاق الرجل بين أهله وأصحابه لتتأكدوا من صحتها.

- أما إذا كان عامل التدين ضائعًا، والرغبة عنده في الإصلاح منعدمة، وقد طبعت شخصيته على ما ينفرك منه، فإننا لا ننصحك بالموافقة ولكن بعد التأكد التام عبر الاستشارة، وكذلك الاستخارة.

ملاحظتان هامتان:
- البعض يعبر عن الخطبة بالعقد، والبعض يعبر عنها بمجرد وعد بالزواج، فإن كنت تقصدين بالخطبة مجرد وعد بالزواج فنذكرك أنه أجنبي عنك، ولا يحل لك الخلوة معه إلا في وجود محرم، وأما الحديث: فلا حرج ما كان منضبطًا بضوابط الشريعة.

- الحكم على الخاطب يكون بالمجموع، أي بجموع صفاته الحسنة، فإن غلبت فهذا هو الخير، وعليه فلا تخرجي صفة سلبية وتسلطي عليها الضوء بمعزل عن بقية صفاته الحسنة.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً