الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل بخاطب لديه بعض التهاون في الصلاة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 26 عامًا، تقدم لخطبتي شاب من نفس عمري، ظاهر عليه الصلاح، وكل من حوله يشيدون بأدبه وأخلاقه، وهو فعلاً كذلك، يعرف عنه التدين لملازمته أصدقاء ملتزمين دينيًا، يملك الكثير من الصفات الحسنة: فهو شخص خلوق، ومسؤول، ولديه من المرونة النفسية ما يجعل الحياة سهلةً لينةً معه.

وقد أخبرته بأني عقيم في بداية خطبتنا، ووافق على ذلك، فهو يحبني، ويحترمني، ويقدرني، كما أنه عاقل، ومتزن في قراراته، وعندما يأتي لزيارتي فإنه يقوم ويصلي.

ولكن ذات مرة خرج مع أصدقائه، ودخل وقت صلاة المغرب، ولم يذهب للصلاة في المسجد، ورجع، وهو في الطريق دخل وقت صلاة العشاء، فجمع الصلاتين عند وصوله إلى المنزل.

تهاونه في الصلاة أقلقني كثيرًا، كما أنه ليس لديه ورد قرآني ثابت، وقد سألته عن أمر الصلاة، فقال: إنه بدأ بالالتزام بالصلاة قبل خطبتنا بعدة أشهر، وإنه قبل ذلك لم يكن ملتزمًا بالصلاة، مع العلم أني أحفظ القرآن، وأدرس العلم الشرعي، أما هو فلا، وهو أيضًا لا يصر على الحرام إذا ذكر به.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حُسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُعينه على الالتزام لله تبارك وتعالى.

الصفات المذكورة في الشاب صفات رائعة جدًّا، ولا ننصح بتفويت هذه الفرصة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير، واعترافه بأنه دخل إلى برنامج الصلاة، أو انتظم في الصلاة قبل أشهر لا يضرُّه؛ فالعبرة بالصفات الجميلة التي ذُكرت، وأيضًا مع إصراره، وأسعدنا جدًّا أن عنده قابلية للتحسُّن، وهذا هو الجانب الذي ينبغي أن نهتمّ به، فإن وجود الاستعداد والتحسُّن والمُضي إلى الأمام، وكونه في صحبة مَن يحافظون على الصلوات والطاعات لله تبارك وتعالى، وكونه أيضًا يُقدّر الظرف الخاص عندك بعد أن سمع منك؛ فهذه مؤهلات وصفات ومشاعر نبيلة تُحسب له.

وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا، ونحن ننصح بالقبول بهذا الشاب، مع الاستمرار في نصحه وتذكيره؛ وهذا من أهداف الحياة الزوجية، وبشرى لك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمر النعم)، فكيف إذا كان الرجل هو هذا الشاب الذي اختارك من دون النساء، ووجدت عنده الصفات الجميلة، وهو ممدوح بين الناس، والناس الأصل فيهم الظلم والانتقاص، فإذا مدحه الناس فهذا يعني أنه على درجات عالية جدًّا من الأخلاق والتعامل الرائع، وهذا هو الجانب المهم، والأساس الذي تقوم عليه الحياة الزوجية.

لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، والدّين فيه الأخلاق، ومع ذلك أضاف الخلق، فكأنّ الركن الركين في الحياة الزوجية هي الأخلاق الحسنة، والأخلاق الحسنة لا تنفصل عن عظمة هذا الدّين، حتى قال ابن القيم: (من زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الدّين)، ولا شك أن التقصير في العبادات -يعني في الفرائض- مرفوض، ولكن وجود التحسّن، واستمراره على الصلاة، وحرصه على سماع النصيحة، كل هذه -إن شاء الله- مبشرات بالخير.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُعينك على الإصلاح، وأن يجمع بينكما في خير؛ لتكوني عونًا له، وهذه من أكبر ثمار الزواج، أن يكون كل طرف همُّه أن يُعين الآخر على رضا الله وطاعته، ونحن جميعًا نحصد الفوائد عندما يقوم البيت على الطاعات، ونسأل الله أن يوفقكما، وأن يرفعكما عنده درجات.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً