الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عاودتني فكرة قديمةٌٌ أثرت عليّ.. فكيف الخلاص؟

السؤال

السلام عليكم
عندما كنت صغيراً أتتني فكرة -لا أتذكرها بوضوح- إلا أنني عندما أتذكرها أشعر بأنني واعٍ، وكانت هذه الفكرة تقريباً عندما كنت في الرابع أو الخامس الابتدائي، ونسيت الفكرة تماماً، إلى أن أتتني قبل شهر ونصف تقريباً واختفت؛ لأنني لم أعطها اهتماماً كبيراً، والآن أتتني مرةً أخرى، وأعطيتها اهتماماً؛ لأني أريد التخلص منها وأفهمها بشكل واضح كي أحل المشكلة تماماً!

أريد استشارتكم وتشخيصي، وهل أحتاج أن أذهب لطبيب نفسي؟ لأن هذا اليوم السادس ولا أستطيع العيش بشكل طبيعي، وأصابني الكسل، وأريد فقط النوم للهروب منها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاجترار الذكريات من الطفولة شيءٌ طبيعيٌ جداً في حياة الكثير من الناس؛ فالإنسان بعد عمر الخامسة يستطيع أن يدرك، ويستطيع أن يتذكر أشياء كثيرة، وطبعاً الأحداث الحياتية الكبيرة قد لا تنسى، إذا كانت هذه الأحداث أحداثاً سيئةً أو أحداثاً إيجابيةً أو أحداثاً محايدةً تماماً ليس فيها ما هو إيجابي وليس فيها ما هو سلبي، وطبعاً الذكريات السلبية قد تبقى، الذكريات الجارحة، الذكريات التي حدث فيها شيءٌ من الإساءات أو الامتهانات؛ هذه تظل عالقةً في بعض الأحيان.

لكن الإنسان يستطيع أن يتجاوز هذه الذكريات السلبية على وجه الخصوص من خلال تحقيرها، ومن خلال أن يتفهم أنه في تلك الفترة لم يكن يفهم الحياة كما يفهمها الآن؛ ولذا وصل علماء السلوك إلى أن قوة الآن هي التي يجب أن يعتمد عليها الإنسان وليس ضعف الماضي، الماضي مهما كان الإنسان مدركاً فهو ضعيفٌ؛ لأننا لا نتحكم فيه، أما حاضرنا نستطيع أن نتحكم فيه، نستطيع أن نديره، نستطيع أن نفصله كما نشاء.

فيا أيها الفاضل الكريم: هذه الذكرى مهما كان نوعها، يجب أن تتجاوزها، تتجاوزها من خلال هذا المنطق، المنطق يقول إن الماضي قد انتهى ولا يمكن أبداً أن نغير فيه أي شيء، والحاضر هو الأفضل؛ لأن الحاضر هو الأقوى؛ لأن الحاضر هو الذي نستطيع أن ندير أمورنا من خلاله، وأن نضع خططنا الحياتية، وأن نضع الآليات والاستراتيجيات التنفيذية التي توصلنا إلى أهدافنا، انظر إلى الموضوع من هذا المنطق ومن هذا السياق وهذا يكفي تماماً، هذه الفكرة لو فهمتها أو لم تفهمها يجب تماماً أن لا تهتم بها، أن تحقرها، أن تتجاهلها، وهذه هي الكيفية التي تتخلص فيها من مثل هذه الأفكار.

ربما تكون أيضاً الفكرة وسواسيةً؛ لذا تأتيك في أوقات معينة، وتختفي وتأتي، لكن عموماً حتى وإن كانت وسواسيةً، حتى وإن كانت حدثاً كبيراً جداً في حياتك في تلك الفترة فأنت لم تكن مدركاً للأمور بصفة كاملة أو بصورة كاملة، لا تحاسب نفسك أبداً، ويجب أن تتجنب جلد الذات، يجب أن لا تصاب بأي نوع من تأنيب الضمير أو الشعور بالذنب أو الشعور بالضعف أو حتى وإن كانت هذه الأحداث سيئة، فأنت في تلك الفترة كنت ضحيةً ولم تكن معتدياً، لا تعطها أهتماماً أبداً، أرجو أن تعيش قوة الآن، أرجو أن تهتم بدراستك، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تهتم بالأمور الأساسية في حياتك الآن، هذا كل الذي أريد أن أذكره لك، وهذه الفكرة ما دامت غير واضحة هذا أيضاً أمر جيد.

الآن أنت لا تدرك تفاصيلها، ولا تدرك درجة أهميتها، فلماذا لا تتجاهلها وتحقرها؟! عش قوة الآن، وليس هنالك ما يدعوك للكسل، لماذا تريد النوم فقط الآن؟! ربما دخلت في نوع من العسر المزاجي الاكتئابي البسيط، وهو الذي جعلك تنسحب وجدانياً وتفضل النوم، لا، انهض بنفسك، أحسن إدارة وقتك، لا تنم أثناء النهار، احرص على النوم الليلي المبكر، قم بإجراء تمارين رياضية، وحين تنام مبكراً تستيقظ وتؤدي الفجر في وقته، ويمكن أن تدرس بعد صلاة الفجر لمدة ساعة، وهذا هو وقت التركيز ووقت الاستيعاب ووقت الحفظ، والإنسان حين ينجز في الصباح الباكر لا شك أن بقية اليوم سوف يكون سلساً وممتعاً، ويأتي من خلاله المزيد من الإنجازات ويتحسن مزاجك كثيراً.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً