الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يرفض تزويجي..فهل أزوج نفسي بمن اخترته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا بنت عمري 23 سنة، لم يتقدم لخطبتي رجل مناسب، ومن تقدموا وكانوا مناسبين لم أعرفهم، وأبي رفضهم دون إبلاغي، ما أراه أن والدي يخطط لعدم تزويجي أصلاً، فمن قبل والدي عمي وبناته اللاتي لم يتزوجن، وتجاوزت أعمارهن 45 سنة دون زواج، وما أراه من أبي أنه يريد أن يفعل بي مثلما فعل عمي ببناته.

أنا إنسانة طبيعية، وأرغب في الزواج، وأرى أن رغبتي تدفعني للموافقة بالزواج من الشخص الذي أعرفه، بالرغم من أنه غير مناسب، سأوافق فقط لأنه الوحيد الذي عرفته.

أعرف تمامًا الحكم الشرعي لما يقوم به أبي، وأمي حاولت معه كثيرًا، ولكنه رافض، أريد حلًا للموضوع غير الاستعانة بأشخاص لإقناع أبي؛ لأن إقناعه بتغيير وجهة نظره أصبح بالنسبة لي مستحيلًا.

أفيدوني هل يجوز إبلاغ من تقدم لي وحصلت خلافات في المحاولة مرة أخرى برؤية شرعية، أم أنني أقلل من نفسي إذا طلبت ذلك؟ أنا لا أراه مناسباً، لكني لا أعرف غيره، وبقية من تقدموا لخطبتي لا أعرفهم أصلًا، ولا توجد لدي وسيلة للتواصل مع أحد مثلما قلت.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا: نتفهم حاجتك الطبيعية لزوج، ونتفهم كذلك قلقك وخوفك من العنوسة، ولكن اعلمي -أختنا الكريمة- ما يلي:

1- الزواج قدر مكتوب ورزق مقسوم، لا يمنعه مانع، ولا يمنحه مانح، فإذا قدر الله لك الزواج من شخص فسيكون في الوقت الذي قدره الله لك والمكان الذي أراده الله لك، فلا يضطرب فؤادك، ولا يتكدر خاطرك، فقط سلمي الأمر لله، وأكثري من الدعاء، وخذي بالأسباب.

2- الأب أحرص الناس على أولاده، وهم أحب خلق الله إليه، والنظرة إلى الوالد على أنه يفضلك عانسًا على الزواج أمر لا نتفهمه، ويصعب علينا قبوله، لا سيما وقد ذكرت أن من تقدم إليك غير مناسب، وواجب عليه شرعاً إن وجده غير مناسب ألا يقبل به.

3- إذا منع الأب ابنته من الزواج من رجل مناسب لها فإن هذا يسمى عضلاً، والعضل حرام، جاء النهي في كتاب الله -جل وعلا- عنه؛ لأنه ظلم للفتاة، وعليه فإن الشرع متى ما ثبت هذا العضل من الولي فإن الولاية تنتقل عنه إلى غيره بواسطة القضاء.

4- إن ما حدث معك هو غلبة ظن لا أكثر، فقد رأيت بنات عمك، وتوهمت أن الوالد كذلك، وقد يكون هذا التفكير كله من الأساس خطأ، فلا تتورطي فيما لا قدرة لك عليه.

5- احذري الحديث إلى الشاب من وراء أهلك لعدة أسباب:
- أن هذا محرم من حيث الأصل.
- الشاب كذلك غير مناسب لك.
- أنت بذلك ترخصين نفسك، وسيلعب هو بك خاصة حين يعلم أنك نحيت أهلك جانبًا.
- اعلمي أن الرجل الصالح لا يتزوج فتاة حدثته من وراء أهلها، وإن حدث وتزوجها فيظل الشك في نفسه منها ما كانت معه، فاحذري.

6- الزواج من غير علم الأهل أو الولي حرام شرعاً ولا يصح، أي سيكون زواجاً باطلاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أيما امرأةٍ زوجت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل)، فاحذري التفكير في الزواج بدون علم أهلك.

7- إننا نقترح عليك:
- الحديث إلى الوالد مباشرة، وفهم تخوفاته، والاستماع إليه، وثقي أنه يحبك فلا تقلقي منه.
- الحديث إلى والدتك أن تحدث من تثق بها للبحث عن زوج لك، وهذا أمر جائز وليس فيه ما يضر.
- الحديث إلى أخوالك عن طريق الأم أن يعينوك على إقناع أبيك متى ما وجدت الرجل الصالح.
- الإكثار من الدعاء لله عز وجل أن يرزقك الزوج الصادق الصالح.

هذا هو الطريق السالم -أختنا-، وتذكري أن الزواج قدر مكتوب، ورزق مقسوم فلا تقلقي.

نسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يرزقك الزوج الصالح، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً