الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي سيئ الخلق والمعاملة..فهل الطلاق سبيل النجاة منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله.

حكم المكث مع زوجي الذي فيه المواصفات الآتية:
- يدخن.
- يتعاطى الحشيش.
- لا يصلي.
- له سوابق في السرقة.
- يقضي وقته في المحادثات والتواصل غير اللائق عبر الإنترنت.
- لا ينفق على بيته بشكل سوي، ولا يكترث لنفقة زوجته العادية.
- يهمه الجماع والأكل والشرب، وليس دائم الخروج.
- رغم سجنه لم يتغير.
- أخذ ذهب زوجته بحجة المشاريع، لكنه لم ينفذ شيئًا، وفشل في أخرى، وسرق دبلة زوجته وحلقها.
- يتحسس من مجيء أهل زوجته، رغم استقبال أهلها الطيب له عند زيارتهم.
- يصرخ عليها بلا سبب، على الكبير والصغير، ثم يضايقها، وبعدها يراضيها بتقبيل الأرجل والدموع، ويحدثها عن ظلمه فيما مضى، ثم يعود ليضايقها مرارًا وتكرارًا.

والله الذي لا إله إلا هو، لا أتذكر في أي عراك أنني كنت مذنبة في حقه، أو دست على طرفه، بل بالعكس لم أقصّر معه، وهو والله المقصّر كثيرًا في حقي.

والآن أريد أن أطلق منه، ولم أكن أخبر أهلي بكل هذا، وعندما عرفوا جن جنونهم، وقالوا: كل هذا يفعله بكِ وسكتِّ عنه؟! وأنا حتى هذه اللحظة لا أعرف لماذا سكتُّ عليه!

أعترف أنني أخطأت بسكوتي وعدم فضحه بسلوكياته الخاطئة تجاهي وتجاه نفسه، وعندما كنت أواجهه، كان بأسلوبه يجذبني ويلفق الكلام، ويطوي الأمور بطريقة لا يعلمها إلا الله.

أهلي يلومونني على سكوتي عنه، وأنا أقول لهم: إنني أردت أن يراجع نفسه. لكن بالعكس سكوتي أعطاه مجالًا ليتمادى معي، ومع كل سلوك مشين يفعله، وقد ظهرت عليه قصص جنائية فيما مضى، ويُشتبه فيه بقصص نساء في الفترة الحالية.

أسألكم بالله العظيم أن ترشدوني لما فيه صلاحي وراحة بالي، أهلي لا يريدون تطليقي حاليًا، ولكن إذا أُلزم قد يطلق، وله أخ سلفي وزوج أختي قال لي مرارًا: "ذيل الكلب ما عمره ينعدل".

أرشدوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يربط على قلبك، وأن يُريكِ الحق حقًا ويرزقك اتباعه، وأن يُخرجك من هذا البلاء خروجًا كريمًا.

ما ذكرتِه ليست أمورًا بسيطة، بل سلوكيات خطيرة شرعًا وعقلًا وواقعًا، وهي مما لا يُلزم الشرع ولا العقل المرأة بالصبر عليه، ودعينا نوضح الأمر من خلال ما يلي:
أولًا: حال زوجك كما ذكرته ليس صفات نقص عاديّة، بل محرمات وكبائر ومظالم.
- ترك الصلاة.
- تعاطي المخدرات.
- السرقة.
- إيذاء الزوجة نفسيًا ولفظيًا.
- إساءة الخلق.
- التعدي على مالك (ذهبك).
- الإهمال في النفقة.
- علاقات مشبوهة عبر الإنترنت.
- الكذب، وتلفيق الكلام.
- ماض جنائي.
- عدم التغيير رغم السجن.

كل بند من هذه البنود كافية شرعًا لإثبات سوء العشرة، فكيف إذا اجتمعت كلها؟! وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾: أي لا يجوز للرجل أن يُدخل الضرر على زوجته، ولا أن يضيّق عليها عيشها، وقال النبي ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» والعلماء نصّوا أن المرأة إذا تضررت في دينها أو نفسها أو مالها، جاز لها طلب الفسخ ولو لم يرض الزوج أو الأهل.

ثانيًا: ترك الصلاة وحده يجعل البقاء معه محل خطر على دينك، ترك الصلاة عند جمهور العلماء من أكبر الكبائر، وبعضهم يعدّه كفرًا أكبر مخرجًا من الملة إن كان تركها بالكلية، فإن كان زوجك لا يصلي أصلًا، ولا يعرف للمسجد طريقًا، ولا يحافظ على فرض لله، فهذا وحده يجعل استمرار الحياة معه صعبًا شرعًا، قال النبي ﷺ:«الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».

ثالثًا: أخذ مالك ظلمًا وعدوانًا، والسرقة جريمة شرعية وقانونية: أخذ الذهب، سرقة الخاتم والحلق، أخذ مالك دون إذنك، كل هذا حرام صريح، قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾، فكيف بمن يسرق مال زوجته التي أكرمها الله بالصداق والأمان؟

رابعًا: الإيذاء النفسي والصراخ والإهانة ليست عشرة بالمعروف، قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وهذا الرجل - كما وصفته - لا يعاشر بالمعروف، بل يعاشر بالإهانة والضغط النفسي، ثم يُتبعه بدموع وتمثيل وتظلم، وهي طريقة يتقنها المسيئون نفسيًا لإرباك الضحية.

هذا الأسلوب يسمى في علم النفس: التلاعب العاطفي، وهذا يجعل المرأة تشك في نفسها، وتظن أنها المخطئة رغم كونها المظلومة، وهذا ما حصل لك للأسف.

خامسًا: سلوكياته لا تشير إلى أي نية للإصلاح.
– دخل السجن ولم يتغير.
– يستمر في المخدرات.
– يستمر في الإهانات.
– يأخذ المال.
– يهمل النفقة.
– علاقات مشبوهة.
– صراخ بلا سبب.
– تاريخ جنائي.
– غياب المسؤولية.

كل هذا يعني أن البقاء معه لا ضمان فيه للأمان، ولا الدين، ولا النفس، ذو الخبرة من أهلك قال لك: "ذيل الكلب عمره ما ينعدل"، وهذه ليست قسوة، بل واقع لمن تكرر منه الأذى ولم يُرِ أي علامة توبة.

سادسًا: سكوتك لم يكن خطأ، كان خوفًا وحيرة، أنت لست مخطئة، بل كنت ضحية: ضحية خوف، وضحية طمعك في إصلاحه، وضحية وعوده الكاذبة، وضحية الأمل بأن يتغير، لكن الله لا يرضى لكِ أن تظلمي نفسك، قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.

سابعًا: ماذا عليك أن تفعلي الآن؟ استشيري أهلك، أو العاقلين منهم، أو بعض المشايخ الصالحين الذين لهم دراية وعلم بك وبه، وقومي بعد الاستشارة بما يلي:
1. طلب الطلاق أو الخلع، فما دام الأذى متكررًا، والدين معدومًا، والمال مسلوبًا، والأخلاق معدومة، فطلب الطلاق ليس فقط جائزًا، بل مطلوبًا لحفظ نفسك.

2. اجمعي الأدلة إن احتجتها:
– رسائل.
– تسجيلات صراخ.
– إيصالات أخذ المال.
– شهادات.
ليس لفضحه، بل لحفظ حقك لو لزم الأمر أمام المحكمة.

3. لا تجلسي معه وحدك إن كان يؤذيك، احرصي على وجود أحد من أهلك حين تناقشين مسألة الطلاق.

4. إن رفض أهلك الطلاق الآن، فاطلبي منهم الأسباب واطلبي البدائل كذلك.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً