الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الزوجة التي تجهل كثيراً من المسائل الخاصة بين الزوجين وتهملها

السؤال

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين،،، وبعد:

فلدي زوجة - والحمد لله - فيها كثير من الصفات الطيبة، والتي تخص البيت والأطفال أمور كثيرة، لكن ما يلزمها لي وخاصة في حياتنا الخاصة لا تفقه شيئاً، رغم أنني قد أفهمتها وشرحت لها، وحاولت معها كثيراً ولكن دون جدوى، والآن أفكر في زوجة ثانية، فما نصيحتكم لي؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك زوجك، وأن يبارك لك فيها، وأن يوفقها لفهمك والتحاور معك، وأن يرزقك الصبر عليها، وأن يجعلك عوناً لها على طاعة الله ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإن التفاهم والحوار فعلاً من أروع ما يزين ويتوج الحياة الزوجية، فعندما يكون الزوج والزوجة على قدر من التفاهم والحوار والانسجام فإن الحياة تكون جنة ما بعدها من جنة، ونعيماً ما بعده من نعيم.

أما عندما ينعدم هذا التفاهم أو تكون المرأة لا تفهم زوجها وتفعل تصرفات قد تؤذيه أو تدفع به إلى حد الغضب أو تستفزه في تصرفاته؛ فإن الحياة تكون مؤلمة حقّاً.

زوجتك أكرمك الله تبارك وتعالى بها فيها صفات حسنة، كما ذكرت، فهي فيها من الصفات الطيبة أنها تهتم ببيتها وتهتم بأطفالها، وهذه أمور تُحمد لها؛ لأن كثيراً من الأمهات الآن لا يدركن حقيقة هذا الأمر ولا يقفن طويلاً عنده، وإنما تجد أن البيوت مهملة، وأن الأطفال كما لو كانوا أيتاماً لا يهتم بهم أحد ولا يحرص على نظافتهم أحد، فهي امرأة فيها خيرٌ كثير ولله الحمد والمنة.

ولعلك إن كرهت منها خلقا يسرُّك منها خلق آخر كما قال الله جل وعلا: ((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا))[النساء:19]، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).

أما فيما يتعلق بعدم تفهمها لحياتك الخاصة أو لأمورك التي تريد أن تكون بينك وبينها سرّاً أو خاصة بينكما، فإن هذا الأمر يحتاج إلى وقفة، إما أن تكون زوجتك قد نشأت في بيئة لم تأخذ حظاً وافراً من الثقافة والوعي في هذا المجال، وترى أن أهم شيء عندها الاهتمام ببيتها ونظافته وأطفالها ورعايتهم، فترى أن ذلك كافياً لأن يجعلها زوجة ناجحة وأمّاً صالحة؛ ولذلك لا تهتم بزوجها بل وتجعله آخر ما تهتم به، وتجعله على هامش الحياة؛ لأنها ترى أن انشغالها ببيتها وأولادها قد أخذ وقتاً طويلاً منها، وأنه يكفي زوجها أقل قدر من الاهتمام.

فلعلها أن تكون ضحية تربية عاشت على هذا النمط المزعج، ولعلها أن تكون فعلاً لا تفهم كلامك لقصور في فهمها وعقلها، أو لعلك أنت أيضاً لا تشرح لها الشرح الكافي حتى يجعلها تتفاهم معك وتتأقلم معك وتتجاوب معك؛ ولذلك رجائي ألا تعجل عليها وإنما اجتهد - بارك الله فيك – في شرح الأمور لها شرحاً وافياً، وخذها بعيداً عن الأسرة أو إذا كان أطفالك صغاراً فلا حرج أن تكونا في البيت ولا مانع أن تصطحبها إلى أحد الأماكن الطيبة المريحة بعيداً عن المنزل لتجلس معها في الهواء الطلق ولتشرح لها وجهة نظرك ومدى انزعاجك من هذه التصرفات.

واعلم - أخي الكريم – أنه يبقى الحب ما بقي الحوار، وأن الصبر يأتي معه الفرج، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)، فبيِّن لها أنك منزعج، وأنك في غاية الانزعاج لهذا الإهمال ومن عدم فهمها لتوجيهاتك وتعليماتك، خاصة إذا كانت هذه الأمور التي تزعجك ليس متعسفة، وأنك لست مبالغاً فيها أو مفرطاً فيها، فحاول معها - بارك الله فيك – واشرح لها خطورة ما تفعل، وحاول أن تعينها على أن تفهمك خطوة خطوة، وابدأ بتدريبها على التفاهم معك والتجاوب مع تصرفاتك، ولا توجه إليها جملة توجيهات في وقت واحد، وإنما اكتفي بتوجيه واحد وراقبها وتابعها حتى تقوم على تنفيذه، فإذا ما نفذت أمراً فإنه سيكون بمقدورها أن تنفذ اثنين.

إذن تدرج معها خطوة خطوة حتى تكون كما تريد؛ لأن هذه مهارات يتم اكتسابها عن طريق التدريب والصبر والمران، وهذا ما أنصحك به، فإن فعلت ذلك كله ولم يجد ذلك نفعاً فهددها أنك سوف تتزوج عليها، لعلها أن ترتدع، ولعلها أن تأخذ الأمر على مأخذ الجد فتجتهد في أن تكون كما تريد.

إذا لم تصنع ذلك فلا مانع أن تتزوج عليها امرأة تتفاهم معك وتقدر ظروفك ومشاعرك، وإن كنتُ أرى أن هذا فيه نوع من المخاطرة؛ لأن المرأة قد يكون لديها قدر من الرعونة وعدم الوعي فتفضل الطلاق وتشتيت الأسرة على أن تكون زوجة ثانية؛ ولذلك اجعل ذلك من باب آخر الدواء الكي، ابدأ معها واصبر عليها ولا تتعجل، وادع لها وأكثر لها من الدعاء أن يفتح الله عليها لتتجاوب معك وتتفاهم كلامك، فإن أكرمها الله بذلك فقد حُلت مشكلتك، وإن ظلت على ما هي عليه فلا مانع أن تتزوج عليها؛ لأن الزواج سنة، والتعدد نعمة من نعم الله تعالى تستفيد منه المرأة قبل الرجل.

أسأل الله لك التوفيق والسداد وصلاح زوجك وإسعاد حياتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة