الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسمع داخلي أصواتًا كثيرة من شتم وسب وغيره.. ما سبب هذه الحالة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شابة والحمد لله ملتزمة، وأؤدي فروضي وأصلي، والحمد لله على كل حال، ولكن منذ فترة أصبت فجأة بشيء لا أدري أهو وسواس أم أمر نفسي؟ حيث أصبحت أسمع داخلي أصواتًا كثيرة: شتماً وسباً وأشياء لا علم لي بها! كنت مرعوبة حتى أصبح الهاجس بداخلي يقول كلامًا معابًا في الدين، وحين أصلي أرى أمامي أشكالاً لحيوانات، وأحاول الخشوع، لكن الصوت يتعاظم داخلي بضحك ومجون وشتم حتى أبكي من القهر.

عشت أيامًا طوالاً مع هذا الهاجس، وكنت أتلقى رقية شرعية، والحمد لله، مع مرور الوقت خف هذا الصوت، ولكن لا يزال، فجأة يضيق صدري ويبدأ الشتم والسب من جديد، وصور سيئة لا أدري كيف تتجسد لي؟ أشعر أنني في ذنب عظيم، هل أحاسب على تلك الشتائم والسب والرؤيا التي أراها، وما الذي قد يسبب لي هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل مكروه، ويُذهب عنك كل شرٍّ.

ثانيًا: أحسنت - أيتها البنت العزيزة - حين التجأت إلى الرقية الشرعية، فالرقية الشرعية أذكار وأدعية، وهي تنفع بإذن الله تعالى ممَّا حصل بالإنسان من السوء والمكروه وممَّا لم يحصل له، فنصيحتُنا لك أن تُداومي عليها وتُكثري منها، وأن تحاولي أيضًا رقية نفسك بنفسك، فهذا أيسر لك وأرجى في تحصيل المقصود، فإن دعاء الإنسان لنفسه يكون أصدق من دعاء غيره له، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعانِ}.

فداومي على استعمال الرقية الشرعية، واقرئي على نفسك شيئًا من كتاب الله تعالى، لا سيما سورة الفاتحة، وأوائل سورة البقرة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والمعوذتين (قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد).

أكثري من قراءة هذه الآيات والسور، وبإمكانك أن تقرئيها على ماء، وتنفثي في هذا الماء مع شُرب بعضه، والاغتسال ببعضه، فإن هذا نافع مفيد بإذن الله تعالى.

ولا نملك تفسيرًا دقيقًا قطعيًّا لما تُعانين منه، فقد يكون لخللٍ في البدن، ولذا ننصحك بمراجعة الأطباء المختصين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أنزل الله داءً إلَّا وأنزل له دواء)، ويقول: (تداووا عباد الله)، وهذا الجسد فيه من الأسرار والعجائب ما لا نُحيطُ به، وفيه من غرائب التصرفات والأحوال ما لا يعرفه إلَّا ذوو الاختصاص، فقد تكثر التهيئات لدى الإنسان بسبب خللٍ في الجسم، فينبغي الأخذ بالأسباب ومراجعة الطبيب الثقة، وبالنسبة لك ينبغي أن تكون طبيبة ثقةً مُتقنة لعملها حتى تنتفعي بما تقولُه.

وإذا جمعت بين الجانبين - جانب الرقية الشرعية والتداوي الحسّي - فإنك تكونين قد أخذت بالسبب على أتم الوجوه وأحسنها، ولم يبقَ بعد ذلك إلَّا أن تنتظري الفرج من الله تعالى.

وكل هذه الأحوال التي تجدينها في نفسك والتهيئات والتصورات وما تتهيئين - أو يبدو لك من سماع أصوات بداخلك- وغير ذلك؛ كلُّ ذلك لا تأثمين بسببه، ولا يُؤاخذك الله تعالى به؛ فإن الله تعالى تجاوز لهذه الأمة ما حدّثت به أنفسها، وكلّ ما تجدينه من وساوس وتهيئات أعرضي عنه ولا تُبالي به، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى أجلّ وأكرم من أن يُؤاخذك بمثله، فإذا فعلت ذلك فإن كثيرًا من الضيق والحزن سيذهب عنك، وستقوى نفسُك، وفي قوّة النفس وهدوء البال سبب أكيد لمدافعة المرض.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يُعجّل لك بالعافية ويُذهب عنك كل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً