الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكثر الأنبياء أتباعاً يوم القيامة

السؤال

قد قرأت في القرآن أن النبي يونس (عليه السلام) قد آمن له جميع قومه البالغ 100000 أو يزيدون فما كانت معجزته مع العلم بأن معجزة حبيبنا محمد القرآن أعظم معجزة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن معيار الفضل لا يقاس بعدد من آمن على يد الشخص، إذ من المعلوم أن الدعاة في عصرنا هذا وفي جميع العصور كان يؤمن على أيديهم أعداد كبيرة من الناس، مع أن الأنبياء وهم أفضل خلق الله يجيء بعضهم يوم القيامة ولم يتبعه أحد، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد.... الحديث.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره: أن يونس بن متى عليه السلام، بعثه الله إلى أهل قرية نينوى، وهي قرية من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم، فخرج من بين أظهرهم مغاضباً لهم، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل وجأروا إليه، ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب، قال الله تعالى: فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ. انتهى.

قيل إنهم رأوا عواصف ورياحاً شديدة، فذهبوا إلى علمائهم فقالوا لهم: إن هذا بداية عذاب سيصيبهم الله سبحانه وتعالى به لما فعلوه من تكذيب نبي الله يونس عليه السلام.

وعلى أية حال فإن نبيناً محمداً صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس أتباعاً يوم القيامة، كما دلت عليه السنة الشريفة، روى أبو هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.

وفي حديث الشيخين الذي تقدم جزء منه، يقول صلى الله عليه وسلم: ... إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه، ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب... الحديث.

وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله قال: كنا مع النبي في قبة فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة، قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة، قلنا: نعم، قال: والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة... الحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني