الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى يجوز لبعض الورثة المطالبة بإعادة تقسيم التركة

السؤال

توفي والدي وترك من ورائه والدتي وخمسة إخوة وثلاث أخوات وترك والدي سبعة بيوت وكان ثلاثة من إخوتي وأحد أخواتي يسكنون في البيوت التي تركها والدنا، وعند تقسم التركة قام أحدهم بتقييم قيمة البيوت المسكونة بسعر غير منطقي وبدون أن يطلب منه أحد أن يقوم بذلك ووافق كل الذين كانوا يسكنون البيوت على هذا التقييم؛ لأن هناك مكسبا كبيرا لهم، أما الباقون فمنهم من لم يكن موجوداً وقت القسمة ومنهم من حضر ولكن منعه الحياء أن يخاصم إخوته من أجل المال، والآن بقي بيت واحد فقط من البيوت السبعة, فهل يجوز أن يقوم المتضررون من القسمة الأولى وبعد الاتفاق مع وكيل الورثة أن يطالبوا بتصحيح القسمة لتكون أكثر عدلاً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ظهر لنا أنكم أنتم ورثة الميت أبناؤه وبناته وزوجته قمتم بقسمة التركة عن طريق المراضاة،

والمراضاة هي أن يتراضى الورثة على طريقة للتقسيم، بأن يأخذ كل وارث شيئا معينا من التركة، ولا يشترط أن يكون الشيء المأخوذ يساوي حصة الآخذ إذا كان المغبون بالغا رشيدا وفعل ذلك مختارا.

ويشترط لصحة ولزوم القسمة حضور المتقاسمين أو من ينوب عنهم، جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ما ملخصه: يشترط في لزوم ونفاذ قسمة الرضاء رضاء كل واحد من المتقاسمين, بناء عليه إذا غاب أحد المتقاسمين ولم يكن له نائب وقسم الحاضرون وأفرزوا حصة الغائب فلا تصح قسمة الرضاء أي لا تكون لازمة, ومن حق الغائبين أن لا يجيزوا القسمة وأن ينقضوها. أما إذا حضروا بعد ذلك وأجازوا القسمة فتلزم . انتهى.

وبناء عليه فمن حق إخوتك الغائبين إن لم يكن قد حضر من ينوب عنهم أو لم يأذنوا في القسمة المطالبة بنقض القسمة وإعادتها.

أما سؤالك عن جواز أن يقوم المتضررون من القسمة بالمطالبة بتصحيح القسمة لتكون أكثر عدلاً، فالقسمة بعد تمامها عقد لازم، لكن إذا وقع غبن فاحش في القسمة وثبت ذلك بالبينة أو بالإقرار فقد ذهب بعض الفقهاء أن للمغبون طلب نقض القسمة وإعادتها على تفصيلات لهم في ذلك.

جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ما ملخصه : يلزم أن تكون القسمة عادلة سواء كانت القسمة رضاء أو قضاء أي أن تعدل الحصص بحسب الاستحقاق وأن لا يكون بإحداها نقصان فاحش فلذلك تسمع في القسمة دعوى الغبن الفاحش، فإذا تبين وجود الغبن الفاحش في القسمة بالحجة فتفسخ القسمة وتقسم ثانية قسمة عادلة أي أنه يجب أن يثبت وجود الغبن الفاحش في القسمة بالبينة، وإذا كانت القسمة التي وقع فيها الغبن الفاحش رضائية فقد قال بعض العلماء بعدم جواز فسخها، لأنه قد وقع التراضي بين المتقاسمين، وقد قال بعض العلماء وأصحاب المتون بأنه تسمع دعوى الغلط والغبن الفاحش الرضائية أيضا وأنه يجوز إبطالها عند الثبوت لأن جواز شرط القسمة وجود المعادلة فيها وقد عد هذا القول هو القول الصحيح. اهـ .

وعلى هذا فعلى قول بعض الفقهاء فمن حق من غبن في القسمة الرضائية أن يرفع الأمر إلى القاضي الشرعي ويقيم البينة على هذا الغبن ويطالب بإعادة القسمة، لأن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.

وننصحكم بمعالجة الأمر بالرفق واللين والتذكير بالله وبحقارة الدنيا وأنها لا تستحق الخصام والنزاع. والله يرعاكم ويصلح ذات بينكم .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني