الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات صاحبه وترك مالا أوصاه أن يتصدق به

السؤال

يشرفني أن أتقدم إليكم بهذا الطلب راجيا من الله تعالى أن يوفقكم وجميع المسلمين إلى ما فيه خير هذه الأمة. ملخص القضية׃ منذ زمن وضع عندي أحد الأصدقاء أمانة -مبلغ من المال- وسمح لي بالتصرف فيه في التجارة، على أساس أن أرجع إليه نفس المبلغ بدون زيادة ولا نقصان حين يطلب مني هو ذلك. وقلت له يومها׃ إنك اليوم تترك هذه الأمانة في عنقي، وأعدك أنني سأخبر أهلي وأولادي بإرجاعها إليك من الميراث أو من غيره إذا وافتني المنية قبلك. ولكن ماذا أفعل إذا وافتك المنية قبلي ؟ قال لي׃ إذا مت قبلك فتصدق علي بهذا المال كله دفعة واحدة، أو بجزء منه كل سنة أو كل فترة، لعل أن يصلني أجره في الآخرة. مع الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية لم تكن موثقة ولا بحضور عدل ولا شهود، بل كانت اتفاقية شفوية بيني وبينه والله ثالثنا. وبعد مدة توفي الرجل صاحب الأمانة، ولم يكن له أهل ولا أولاد ولا أحفاد، فورثه أبناء عمومته، لكنهم لا يعرفون شيئا عن تلك الأمانة التي تركها عندي المرحوم ولا عن تلك الاتفاقية، ولا عن تلك الوصية الشفوية التي أوصاني بها صاحب الأمانة. وبالفعل وبعد وفاته تصدقت بجزء يسير من مال تلك الأمانة، إلا أن بعض الناس نصحوني بالتوقف عن هذا الإجراء لأنه ربما قد يكون مخالفا للشريعة وفعلا فقد توقفت خوفا من أن يكون هذا التصرف ليس شرعيا.
الســؤال׃ هل أستمر في تطبيق وصيته فأتصدق من ذلك المال لمن يستحقه شرعا حتى أنهيه بدون زيادة ولا نقصان؟ إذا كان الاستمرار في تطبيق هذه الوصية غير شرعي، فهل أبحث عن ورثته من أبناء عمومته وأسلم لهم المال؟ أو ماذا أفعل؟
وأخيرا أخبركم بأنني سأطبق كل ما سيأتي في جوابكم حرفيا، لذلك ألتمس منكم أن يكون إرشادكم لي دقيقا جدا وواضحا لا لبس فيه ولا غموض وبلغة بسيطة غير قابلة للتأويل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان المال الذي أوصاك صديقك بالتصدق به ثلث التركة أو أقل فعليك تنفيذ وصيته، أما إذا كان أكثر من ثلث التركة، فتنفذ الوصية في ثلث التركة وما زاد عن الثلث يقف على إجازة الورثة فإن أجازوه جاز وإن لم يجيزوه رد إلى ورثته الشرعيين، فتنفيذ الوصية إذا كانت في حدود ثلث المال واجبة، ولا يجوز تغيير هذه الوصية أو تأخيرها، وعدم تنفيذ الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة:181}.

فيجب تنفيذ الوصية سواء كانت مكتوبة أو شفهية متى كانت الوصية ثابتة.

قال ابن قدامة في المغني: الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة, وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم, فإن أجازوه جاز, وإن ردوه بطل. في قول جميع العلماء. والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله ؟ قال: لا . قال فبالثلثين؟ قال: لا. قال: فبالنصف؟ قال: لا. قال: فبالثلث ؟ قال: الثلث, والثلث كثير. وقوله عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. اهـ.

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 113519، 114094، 114249.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني