الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في نهي المضحي عن قص شعره وظفره إذا دخل العشر

السؤال

هل هناك فرق بين الأئمة الأربعة في تحريم الأخذ من الشعر أو الأظفار لمن أراد أن يضحي منذ دخول شهر ذي الحجة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخلاف العلماء في هذه المسألة مشهور، وقد اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال، فمذهب أبي حنيفة وروي عن مالك أن الأخذ من الشعر والأظفار إذا دخل العشر لمن أراد التضحية مباح غير حرام ولا مكروه، ومذهب الشافعي وروي عن مالك أنه مكروه غير حرام، ومذهب أحمد وإسحق أنه حرام يأثم فاعله، وهذا بيان أقوالهم وما استدلوا به.

جاء في المغني لابن قدامة رحمه الله: ومن أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا.
ظاهر هذا تحريم قص الشعر وهو قول بعض أصحابنا وحكاه ابن المنذر عن أحمد و إسحاق و سعيد بن المسيب. وقال القاضي وجماعة من أصحابنا هو مكروه غير محرم وبه قال مالك والشافعي لقول عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه. وقال أبو حنيفة لا يكره ذلك لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي.
ولنا ما روت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي. رواه مسلم.

ومقتضى النهي التحريم وهذا يرد القياس ويبطله، وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه بتنزيل العام على ما عدا ما تناوله. انتهى.

وقال النووي في المجموع: مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي، وقال مالك وأبو حنيفة لا يكره، وقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود يحرم، وعن مالك أنه يكره وحكي عنه الدارمي يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب، واحتج القائلون بالتحريم بحديث أم سلمة واحتج الشافعي والأصحاب عليهم بحديث عائشة أنها قالت: كنت أفتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه. رواه البخاري ومسلم.

قال الشافعي: البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك. انتهى.

فإذا علمت هذا فالأحوط بلا شك لمن أراد التضحية أن يجتنب الأخذ من شعره وأظفاره عملا بالحديث وخروجا من خلاف الأئمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني