الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وابنين وبنتين وأبناء وبنات ابن

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية :
-للميت ورثة من الرجال : (ابن) العدد 2 (ابن ابن) العدد 3
-للميت ورثة من النساء : (بنت) العدد 2 (بنت ابن) العدد 6 (زوجة) العدد 1
- إضافات أخرى : الميت ترك بيتا من أربعة طوابق كل طابق به شقتان. الطابق الأول به شقة وبها محل قد أجرها لزوج ابنته، وشقة أخرى كان يعيش فيها مع زوجته، والطابق الثانى به شقة تسكنها ابنته، والشقة الأخرى كان قد أجرها قبل وفاته بعقد دائم إلى الآن وتأخذ إيجارها الآن ابنته الثانية، والطابق الثالث كاملا لابنه الأكبر، والطابق الرابع لابنه الآخر. وهذا الابن بنى طابقا خامسا ويسكن فيه الآن. مع العلم أنه مازال يملك الطابق الرابع ويفكر في أن يبني طابقا سادسا آخر له. فما هو الحق الشرعي لهؤلاء الورثة والزوجة أيضا؟ ونأسف للإطالة وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء إن كل البيت بطوابقه الأربعة ملك للورثة جميعا، وكل واحد منهم يملك في كل شبر من البيت بقدر نصيبه الشرعي من الميراث وليس لأحدهم أن يستأثر بشيء منه دون بقية الورثة, وإيجار الشقة التي تأخذها البنت في الطابق الثاني وكذا إيجار الشقة التي يسكنها زوج ابنته كله ملك للورثة جميعا, وكذا الشقة التي تسكنها البنت والطابقان الثالث والرابع اللذان يسكنهما الابنان كلاهما ملك للورثة جميعا، وكذا البيت الذي كان يسكنه الميت هو ملك للورثة جميعا ولا تختص به زوجته, وللورثة الحق في أن يختاروا قسمة العمارة المذكورة أو غيرها على أحد أنواع القسمة الثلاثة المعروفة عند أهل العلم وهي قسمة المهايأة، وقسمة المراضاة، وقسمة القرعة. وسبق بيان كل منها بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 66593، وما أحيل عليه فيها، والفتوى رقم 54557, فإذا لم يحصل بينهم اتفاق لزم اللجوء إلى قسمة القرعة، فتقوم العمارة وتقسم قيمتها على الورثة كل حسب نصيبه من التركة فيأخذ مقابلها جزءا من العمارة، أو تباع فيعطى كل واحد منهم نصيبه من ثمنها .

وأما الطابق الخامس الذي بناه أحد الابنين فلم يذكر لنا السائل هل بناه في حياة أبيه بإذنه أم بعد وفاته بإذن الورثة, والمفتى به عندنا أن ما بناه الابن في أرض أبيه وفي حياته يعتبر عارية تنتهي بموت الأب وترد الأرض إلى التركة ويكون للابن قيمة ما بناه منقوضاً، وهذا مذهب المالكية.

فقد نقل المواق في التاج والإكليل عن ابن مزين أنه قال: من قال لابنه: اعمل في هذا المكان جناناً، أو ابن فيه داراً ففعل الابن في حياة أبيه وصار الأب يقول: جنان ابني ـ فإن القاعة لا يملكها الابن بذلك وتورث عن الأب، وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضاً. اهـ.

وقد فصلنا القول حول هذا في عدة فتاوى كالفتوى رقم: 32937, والفتوى رقم: 107908, والفتوى رقم 106557, والفتوى رقم: 61163وهذه الأخيرة عن حكم ما بناه أحد الورثة في العقار الموروث بإذن أو بغير إذن .

وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ولم يترك الميت وارثا غيرهم فإن لزوجته الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث , قال الله تعالى: ... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... النساء : 12. والباقي للابنين والبنتين تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... النساء : 11 . ولا شيء لأبناء الابن وبنات الابن لأنهم محجوبون بالابن المباشر للميت حجب حرمان, فتقسم التركة على ثمانية وأربعين سهما, للزوجة ثمنها, ستة أسهم, ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم .

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه ، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث ، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها ، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال ، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة ، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني